للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: تَجِبُ بِثَلاثةِ طُرُقٍ: (أَحَدُهَا) فَوَاتُ نَفْسٍ الصَّوْمِ فِيمَنْ تَعَدَّى بِتَرْكِهِ وَمَاتَ قَبْلَ القَضَاءِ فَيَخْرُجُ مِنْ تُركتِهِ مُدٌّ، وقَالَ في القَدِيم: يَصُومُ عَنْهُ وَليُّه، وَلاَ يَجِبُ عَلَى مَن فَاتَة بالمِرَضِ، وَيجِبُ عَلَى الشَّيْخِ الهَرِمِ عَلَى الصَّحِيح.

قال الرافعي: فقه الفصل مسألتان:

إحداهما: إذا فاته صوم يوم أو أيام من رمضان ومات قَبْلَ القضاء فله حالتان:

إحداهما: أن يكون موته بعد التمكن من القَضَاء، فلا بد من تَدَارُكِهِ بعد موته، وما طريقه؟ فيه قولان:

الجديد: وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد -رحمهم الله-: أن طريقه أن يطعم من تركته لكل يَومِ مُدّ؛ لما روي مرفوعاً وموقوفاً على ابن عمر -رضي الله عنهما- "أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوُمٌ، فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ" (١)، ولا سبيل إلى الصوم عنه، لأن الصوم عبادة لا تدخلها النِّيَابة في الحَيَاة، فكذلك بَعْدَ المَوْتِ كالصَّلاة.

والقديم: وبه قال أحمد: أنه يجوز لِوَلِيِّه أن يصوم عنه؛ لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَومٌ صَامَ عَنْهُ وَليُّهُ" (٢) وإذا فرعنا على القديم فلو أمر الولي أجنبياً بأن يصوم عنه بأجرة أو بغير أجرة جاز، كما في الحج، ولو استقل به الأجنبي ففي إجزائه وجهان:

أظهرهما: المنع، والمعتبر على هذا القول الوِلاَية، على مَا وَرَدَ في لفظ الخَبَرِ، أو مطلق القَرَابة، أو بشرط العصُوبة، أو الإِرثْ توقف الإمام -رحمه الله- فيه، وقال: لاَ نَقْلَ عِنْدي في ذَلك، وأنت إذا فحصت عن نظائره وجدت الأشبه اعتبار الإرْث (٣)، والله أعلم. ولو مات وعليه صَلاَة، أو اعتكاف لم يقض عنه وَلِيُّه، ولا (٤) يسقط عَنْهُ الفِدْية، وعن البويطي: أن الشافعي -رضي الله عنه- قال في الاعتكاف: يعتكف عَنْهُ


(١) أخرجه الترمذي (٧١٨) وابن ماجه (١٧٥٧) بإسناد ضعيف وقف على ابن عمر قاله الترمذي والبيهقي والدارقطني، انظر تلخيص الجبير (٢/ ٢٠٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٥٢).
(٣) المختار، أن المراد مطلق القرابة. وفي "صحيح مسلم": أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة تصوم عن أمها وهذا يبطل احتمال العصوبة. ينظر الروضة (٢/ ٢٤٦).
(٤) موضع منع الاعتكاف عن الميت إذا لم يكن في ضمن صوم فأما إذا نذر أن يعتكف يوماً صائماً. قال في التهذيب: إن قلنا: لا يفرد الصوم عن الاعتكاف أي وهو الأصح. وقلنا، يصوم الولي فهاهنا يعتكف عنه صائماً وإن كانت النيابة لا تجري في الاعتكاف فهاهنا يجوز تبعاً لركعتي الطواف في الحج. ينظر الروضة (٢/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>