للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصِّفاتِ اللَّائِقَةِ بِاللهِ، فَإِنْكَارُ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ مَيلٌ بِهَا عَمَّا يَجِبُ فِيهَا (١).

الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَهَا دَالَّةً عَلَى صِفَاتٍ تُمَاثِلُ صِفَاتِ المَخْلُوقِينَ -كَمَا فَعَلَ أَهْلُ التَّمْثِيلِ-، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّمْثِيلَ مَعْنَى بَاطِلٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تدُّلَ عَلَيهِ النُّصُوصُ، بَلْ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى بُطْلَانِهِ، فَجَعْلُهَا دَالَّةً عَلَيهِ مَيلٌ بِهَا عَمَّا يَجِبُ فِيهَا (٢).

الثَّالِثُ: أَنْ يُسَمِّيَ اللهَ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُسَمِّ بِهِ نَفْسَهُ، كَتَسْمِيَةِ النَّصَارَى لَهُ: (الأَبَ)! وَتَسْمِيَةِ الفَلَاسِفَةِ إِيَّاهُ: (العِلَّةَ الفَاعِلَةَ)! وَذَلِكَ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللهِ تَعَالَى تَوقِيفِيَّةٌ، فَتَسْمِيَةُ اللهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُسَمِّ بِهِ نَفْسَهُ مَيلٌ بِهَا عَمَّا يَجِبُ فِيهَا، كَمَا أَنَّ هَذِهِ الأَسَمْاءَ نَفْسَهَا الَّتِي سَمَّوهُ بِهَا بَاطِلةٌ يُنَزَّهُ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا (٣).

الرَّابِعُ: أَنْ يَشْتَقَّ مِنْ أَسْمَائِهِ أَسْمَاءً لِلأَصْنَامِ، كَمَا فَعَلَ المُشْرِكُونَ فِي اشْتِقَاقِ العُزَّى مِنَ العَزِيزِ، وَاشْتِقَاقِ اللَّاتِ مِنَ الإِلَهِ -عَلَى أَحَدِ القَولَينِ- فَسَمَّوا بِهَا أَصْنَامَهُم؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللهِ تَعَالَى مُخْتَصَّةٌ بِهِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأَعْرَاف: ١٨٠] (٤).


(١) وَيَدُلُّ عَلَيهِ قَولُهُ تَعَالَى عَنِ المُشْرِكِينَ: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيهِمُ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيهِ مَتَابِ﴾ [الرَّعْد: ٣٠].
(٢) وَأَشْهَرُ مَنْ نُسِبَ إِلَى التَّمْثِيلِ مِنَ الطَّوَائِفِ هُمْ قُدَمَاءُ الرَّافِضَةِ، حَيثُ جَعَلُوا اللهَ حَالًّا فِي عَلِيٍّ . اُنْظُرْ مِنْهَاجَ السُّنَّةِ (٢/ ٢٤٢) لِشَيخِ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
(٣) قُلْتُ: وَمِثْلُهُ قَولُ المُتَصَوِّفَةِ عَنِ اللهِ تَعَالَى: (هُوَ)، (أَه)!
(٤) قُلْتُ: وَإِنَّ تَقْدِيمَ مَا حَقُّهُ التَّأخِيرُ يُفِيدُ الحَصْرَ، فَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ فِيهِ حَصْرُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى فِيهِ سُبْحَانَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>