فأوقَعَ "مَنْ" على الطَّلَل وهو غيرُ عاقِل، فدُعاءُ الأصنامِ في الآية، ونِداءُ الطَّلَل سَوَّغ اسْتعمال "مَنْ" إذْ لا يُدْعَى ولا يُنَادَى إلاَّ العَاقِل.
(الثانية) أن يَجْتَمِعَ مع العَاقِل فِيما وَقَعَتْ عليه "مَنْ" نحو قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ} (الآية "١٧" من سورة النحل "١٦") لِشُمُولِه الآدَمِيِّينَ والمَلائِكةِ والأَصْنام، ونحو قولِه تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمواتِ ومَنْ في الأَرْضِ} (الآية "١٨" من سورة الحج "٢٢")
(الثالثة) أنْ يَقترِنَ بالعاقِلِ في عُمُومٍ فُصِلَ بـ "مَنْ" الموصولةِ، نحو:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ يَمْشِي على بَطْنِهِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمشِي على رجْلَيْنِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي على أربع} (الآية "٤٥" من سورة النور "٢٤") فَأوقعَ "مَنْ" على غيرِ العاقل لمَّا اخْتَلَطَ بالعَاقل. وقدْ يُرادُ بـ "مَنْ" المَوصُولة المُفْردُ والمُثَنَّى والجَمْعُ والمُذَكَّر والمُؤَنَّث، فَمِن ذلك في الجَمْع قولُه عزَّ وجَلَّ:{ومِنْهم مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ} (الآية "٤٥" من سورة النور "٢٤") وقال الفرَزْدق في الاثنين:
تعشَّ فإنْ عَاهَدْتَنِي لا تَخُونني ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ
وفي المؤنث قَرَأ بعضُهم:{وَمَنْ تَقْنُت مِنْكُنّ للَّهِ وَرَسُولِه} (الآية "٣١" من سورة الأحزاب "٣٣") .