(تابع ... ٢) : المَمْنُوع مِن الصرف: ... ...
-٨ صَرفُ المَمْنوع من الصرف:
قد يَعرِضُ الصَّرْفُ لِلمَمْنُوع مِن الصرفِ لأَحدِ أَرْبعةِ أَسْباب:
(١) أنْ يَكونَ أَحَدَ سَبَبيْهِ العَلَميَّةُ ثم يُنَكَّر فَتَزُولُ منه العَلَمِيَّة، تقولُ "رُبَّ" فَاطِمَةٍ، وعِمْرَانٍ، وعُمَرٍ، وَيَزِيدٍ، وإبْرَاهِيمٍ، ومَعْدي كَرِبٍ، وأَرْطىً، لَقِيتُهم" بالجر والتنوين.
(٢) التَّصْغير المُزِيل لأحدِ السَّببين كـ: " حُمَيْد وعُمَيْر" في تَصْغِيْرَيْ "أَحْمَد وعُمَر"
فإنَّ الوَزْنَ والعَدْلَ زَالاَ بالتَّصْغِير، فَيُصْرفانِ لزوالِ أَحَدِ السببين، وعَكْسُ ذلك نحو "تِحْلِئ" عَلَماً، وهو القِشرُ الذي على وَجْهِ الأَدِيم ممّا يَلي مَنْبِتَ الشَّعَر، فإنَّه يَنْصرفُ مُكَبَّراً، ويمنعُ من الصَّرفِ مُصَغَّراً لاسْتِكْمَالِ العِلَّتَيْن بالتصغير، وهما العلمية والوَزْن، فإنَّه يُقالُ في تصغيره "تُحَيْلِئ" فهو على زِنَة "تُدَحْرِج".
(٣) إرَادَةُ التناسب كقراءة نافع والكِسَائي {سَلاسِلاً} (الآية "٤" من سورة الدهر "٧٦") لِمُنَاسَبَةِ {أَغْلاَلاً} (الآية "٤" من سورة الدهر "٧٦") و {قَواريراً} لمناسَبةِ رؤوس الآي، وقِرَاءة الأعْمَش {ولا يَغوثاً ويَعوقاً} (الآية "٢٣" من سورة نوح "٧١") لِتُنَاسِبَ {وَدَّاً ولا سُواعاً} (الآية "٢٣" من سورة نوح "٧١") .
(٤) الضَّرورة إمّا بالكَسْرَة كقولِ النّابغة:
إذا مَا غَزَا بالجَيْشِ حَلَّقَ فَوْقَهم ... عَصَائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدي بِعَصَائبِ
والأصلُ: بِعَصَائِبَ بفَتح الباءِ نيابَةً عن الكَسْرة لأنَّه من مُنتهى الجُموع، وكُسِرَ للضرورة أو بالتنوين كقول امرئ القيس:
ويَومِ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ "عُنَيْزِةٍ" ... فَقَالَتْ لكَ الوَيْلات إنَّكَ مُرْجِلي
الأصل: عنيزةَ، وللضَّرورة كَسَر ونوَّن.
-٩ المنقوصُ الذي نظيره من الصحيح ممنوع من الصرف:
كُلُّ مَنْقُوصٍ كَانَ نَظِيره من الصَّحِيحِ الآخِرِ مَمْنُوعاً من الصرف، سَوَاءٌ أكَانَتْ إحْدَى عِلَّتَيْه العَلَمِيَّةَ أمْ الوَصْفِيَّةَ، يُعَامَل مُعَامَلة "جَوارٍ" في أنَّه يُنَوَّن في الرَّفْعِ والجَرِّ تَنْوِينَ العِوَض ويُنْصَب بَفَتْحةٍ من غَير تَنوين، فالأول نحو "قاضٍ" علَمِ امْرأة، فإنَّ نظيره من الصحيح "كامل" عَلَم امْرَأة، وهو ممنوع للعلمية والتَّأنيث، فَقَاضٍ كذلِكَ.
والثاني: نحو "أُعَيْمٍ" وصفاً تصغير أَعْمى، فإنَّه غَيْرُ مُنْصِرِف للوَصْفِ والوَزْنِ، إذْ هُو عَلى وَزْنِ: "أُدَحْرِج" فتقول: "هَذا أُعَيْمٍ" و "رأَيْتُ أُعَيْمَى" والتَّنْوينُ فيه عِوَض عن الياءِ المحذوفةِ.
-١٠ إعْرابُ المَمْنُوع مِنَ الصرف:
كلُّ مَا مَرَّ من أَنْواعِ المَمْنوع من الصَّرفِ يُرفَع بالضَّمةِ مِنْ غيرِ تنوينٍ ويُنْصَب بالفَتْحَةِ من غَير تَنْوينٍ، ويُجَرُّ بالفَتْحَةِ أيضَاً نِيَابَةً عن الكَسْرة مِنْ غير تَنْوين، إلاَّ إنْ أُضِيفَ نحو: {في أحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (الآية "٤" من سورة التين "٩٥") أو دَخَلَتْهُ "أل" مَعْرفةً كانَتْ نحو: {وَأَنْتُم عَاكِفُونَ في المَسَاجِدِ} (الآية "١٨٧" من سورة البقرة "٢") . أو مَوْصُولة كألْ في "وهُنَّ الشَّافِياتُ الحَوائِمِ" أو زائدةً كقولِ ابن مَيَّادَة يَمْدَحُ الوَلِيدَ بنَ يَزيد:
رَأَيْتَ الوَليدَ بن "اليَزيدِ" مُباركاً ... شَدِيداً بأعْبَاءِ الخِلافَةِ كاهِلُه
بخفض اليزيد لِدُخول "ال" الزّائِدَة عَلَيه - فإنه يُعربُ بالضمَّة رَفْعاً وبالفَتْحة نَصْباً وبالكسرة جَرّاً.