رواية الأكابر، عن الأصاغر؛ لأن داود منْ [٥]؛ لأنه رأى أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وعزرة منْ [٦]. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَائِشَةَ) رضي الله تعالى عنها (زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) أنها (قَالَتْ: كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَيْرٍ) أي صورة طير، والجملة صفة "ستر"(مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ) الظاهر أنه بفتح الموحّدة، منْ استقبلتُ الشيءَ: إذا واجهته: أي فِي مواجهة البيت، وهو منصوب عَلَى الظرفية. والله تعالى أعلم (إِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ) البيت، وفي رواية مسلم:، وكان الداخل إذا دخل استقبله" (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَائِشَةُ حَوِّلِيهِ) أمر منْ التحويل، وهو النقل: أي انقليه إلى موضع آخر (فَإِنِّي) الفاء للتعليل؛ أي لأني (كُلَّمَا دَخَلْتُ) البيت (فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا) أي تذكّرت زهرة الدنيا، وبهجتها. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: لا يلزم منه الميل إليها، بل يجوز أن يذكُرها مع الكراهة، ومع ذلك كرِه أن يحضر لديه صورة الدنيا بأيّ وجه كَانَ، والله تعالى أعلم. انتهى. وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: هَذَا محمولٌ عَلَى أنه كَانَ قبل تحريم اتّخاذ ما فيه صورة، فلهذا كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل، ويراه، ولا يُنكره قبل هذه المرّة الأخيرة. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٨٧.
(قَالَتْ) عائشة رضي الله تعالى عنها (وَكَانَ) لفظ مسلم: "وكانت"(لَنَا قَطِيفَةٌ) بفتح القاف، وكسر الطاء: دِثَارٌ له خَمْلٌ، جمعه قطائف، وقُطُفٌ بضمّتين. قاله الفيّوميّ. وَقَالَ فِي "النهاية": القطيفة: كساءٌ له خَمْلٌ. انتهى (لَهَا عَلَمٌ) أي منْ الحرير، ولفظ مسلم:"وكانت لنا قطيفة، كنا نقول: علمها حرير"(فَكُنَّا نَلْبَسُهَا) أي القطيفة (فَلَمْ نَقْطَعْهُ) أي العلم؛ إذ العلم منْ الحرير مباح الاستعمال. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عائشة رضي الله تعالى عنها هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١١١/ ٥٣٥٥ - وفي "الكبرى" ٩٧٧٥. وأخرجه (م) فِي "اللباس" ٢١٠٧. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): البعد عن زخارف الدنيا، والزهد فيها. (ومنها): جواز استعمال الستر