للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويعتبر فريد الدين العطار فناء السالك في الله كفناء القطرة في البحر (١).

ويقول ابن الدباغ:

" وأعلم أن المحب ما لم يصل إلى مقام الاتحاد لا تنقطع الحجب التي بينه وبين محبوبه , فإنها كثيرة لكن بعضها ألطف وأشدّ نورانية من بعض , وكلّما كشف له منها حجاب تاقت النفس إلى كشف ما بعده حتى تزول جميعها عند الاتحاد " (٢).

ويصرح أيضاً عقيدة اتصال الصوفي بالله تعالى , بقوله:

" وأعلم أن كل من أحب ذاتاً ما محبة كاملة خالصة , وأراد الاتصال بتلك الذات لا يمكنه ذلك إلا بخلع ما سواها وترك الإحساس به , فإذا صحّ له هذا مع صحة التوجه فقد وصل إلى مطلوب من الاتصال , ولا مانع من الاتصال بالحق مع حصول معرفته إلا بالشعور بما سواه , ومن تجرّد عن بدنه واطّرحه ناحية وفني عن شعوره بذلك فقد اتصل بالحق , لأن بدن الإنسان أقرب العالم المحسوس إليه , فإذا فني عنه فقد فني عن العالم كله , وهذا هو الوصول , ومن صار له هذا الانسلاخ ملكة بحيث يفعله متى شاء فهو الواصل على الحقيقة لتمكنه من مقام شهود الحق " (٣).

ويقولون: أن الله يتجلّى على العبد في هذا المقام , كما يذكر ذلك السهروردي في عوارفه بقوله:

" أما الفناء الباطن فهو محو آثار الوجود عند لمعان نور الشهود , يكون في تجلّي الذات , وهو أكمل أقسام اليقين في الدنيا " (٤).

وقال: " قد يكون التجلّي بطريق الأفعال , وقد يكون بطريق الصفات , وقد يكون بطريق الذات " (٥).

ويكتب ظهير الدين القادري: " الفناء هو أن يطالع الحق سرّ وليه بأدنى تجلّ ,


(١) أنظر منطق الطير لفريد الدين العطار المقالة الرابعة والأربعون ص ٤٠٤ ط دار الأندلس بيروت.
(٢) مشارق أنوار القلوب ومفاتح أسرار الغيوب ص ٦٨ تحقيق المستشرق هـ. ريتر ط دار صادر بيروت ١٣٧٩هـ.
(٣) مشارق أنوار القلوب للدباغ ص ٩٤.
(٤) عوارف المعارف للسهروردي ص ١٥٤.
(٥) أيضاً ٥٢٦.

<<  <   >  >>