وهذه الوجوه الثلاثة عن الزهري كلها محفوظة، إلا أنّ الطحاوي اعترض علي الوجه الأول منها فقال: هذا الحديث أيضًا لم يسمعه الزهري عن عروة، إنما دلس به، إنما هو عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة. شرح معاني الآثار (١/ ٧٢). ووافقه ابن عبد البر، فقال: "وقد أختلف فيه علي الزهري، فرُوي عنه عن عبد الله بن أبي بكر، وروي عنه عن أبي بكر، وروي عنه عن عروة، ومن رواه عنه عن عروة فليس بشيء". التمهيد (١٧/ ٨٥). ويُجاب عنه بأن الزهري إن كان قد دلّس فقد بيّين الواسطة في رواية شعيب بن أبي حمزة عند النسائي (١/ ١٠٨) (رقم: ١٦٤)، وهو عبد الله بن أبي بكر، وهو ثقة، فلا إشكال حينئذ. ويُقال أيضًا: إن رواية الزهري عن عروة جاءت من طريق معمر، عند عبد الرزاق، وهكذا من طريق قتيبة، عن الليث عند النسائي، ووافقهما عبد الرحمن بن نمر عند ابن حبان، ومعمر هذا من أثبت أصحاب الزهري كما نقله ابن رجب في شرح العلل (٢/ ٦٧٢) عن الإمام أحمد وابن معين، ووافقه الليث وابن نمر، وعلي هذا فتصح الطريق الناقصة أيضًا، يؤيّد ذلك أنّ عثمان بن سعيد الدارمي سأل يحيى بن معين فقال: "هشام بن عروة أحب إليك عن أبيه أو الزهري عنه؟ فقال: كلاهما ولم يفضّل". سؤالات الدارمي (ص: ٢٠٣) (رقم: ٧٥٠). وقال ابن حزم في المحلي (١/ ٢٢١): "فإن قيل: إن هذا خبر رواه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عروة؟ قلنا: مرحبًا بهذا، وعبد الله ثقة، والزهري لا خلاف في أنه سمع من عروة وجالسه، فرواه عن عروة، ورواه أيضًا عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، فهذا قوة للخبر، والحمد لله رب العالمين". (١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٧٣) من طريق أبي الأسود. والدارقطني في العلل (٥ / ل: ٢٤٣ / أ) من طريقه، ومن طريق عبد الحميد بن جعفر، كلاهما عن عروة به. (٢) انظر: سنن النسائي كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من مس الذّكر (١/ ١٠٨) (رقم: ١٦٤)، ومسند أحمد (٦/ ٤٠٧)، والسنن الكبرى (١/ ١٢٩).