للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التنوين، وأما قوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ﴾ فأصله أن يكون بالياء، لأنه ليس بمنادى، لكن لمّا حذفت الياء سكنت وأتت اللام بعدها ساكنة في الوصل أجري الوقف على ذلك، ولا يتعمد الوقف عليه. وقد روى الأعمش عن أبي بكر أنه فتح الياء في قوله: (قل ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في الوصل، ووقف بغير ياء اتباعا للخط، والمشهور عن أبي بكر الحذف في الحالين. وروي عن أبي عمرو وابن كثير، والأعمش عن أبي بكر في قوله: «(فبشر عبادي الذين)» أنهم قرؤوها بياء مفتوحة، ويقفون عليها بالياء، والذي قرأت به للجميع بالحذف في الحالين (١).

«٦» قوله: ﴿وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ﴾ قرأه أبو عمرو وابن كثير بألف وكسر اللام، على وزن «فاعل» وقرأ الباقون بغير ألف على وزن «فعل».

وحجة من أثبت الألف أنه قصد به العين والشخص، دليله قوله: ﴿فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ﴾، فأتى الخبر للشخص، فالمعنى: ورجلا خالصا لرجل، ويقوّي ذلك نعت لرجل، والأسماء تنعت بالأسماء، و «سلما» مصدر، والنعت بالمصدر قليل، فحمله على الأكثر أولى.

«٧» وحجة من قرأ بغير ألف وفتح اللام أنه حمله على معنى ما تقدّمه، وذلك أنه تعالى قال: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ﴾، أي: متنازعون، أي: يدّعيه كل واحد منهم، ثم وصف من هو ضاء ممّن لا يتنازع فيه، فقال: ﴿وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ﴾، أي: مسلما، لأنه لا يتنازع فيه، فالسلم ضد التنازع، فهو أليق به من «سالما» الذي معناه خالصا، وأيضا فإن نعت الرجل بالمصدر جائز، كما قالوا: رجل صوم ورجل إقبال وإدبار، ودرهم ضرب الأمير، والقراءة بغير ألف أحبّ إلي، لأن الأكثر عليه (٢).


(١) إيضاح الوقف والابتداء ٢٤٦ - ٢٥٥، والمقنع ٣٢، والحجة في القراءات السبع ٢٨٣، وتفسير النسفي ٤/ ٥٢، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٦ /ب.
(٢) زاد المسير ٧/ ١٨٠، وتفسير غريب القرآن ٣٨٣، وتفسير ابن كثير ٤/ ٥٢، وتفسير النسفي ٤/ ٥٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٦ /أ.