للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٤٤» قوله: ﴿نُكْراً﴾ (١) قرأه نافع وابن ذكوان وأبو بكر بضمّ الكاف، إذا كان منصوبا حيث وقع. وقرأ الباقون بإسكان الكاف، وهما لغتان كالشغل والشغل، والسّحت والسحت، وقرأ ابن كثير وحده بإسكان الكاف في «نكر» المخفوض، وفي النصب لئلا يختلف، إذ الإسكان في الراء في الوقف في «نكر» المخفوض عارض، فاعتدّ بالحركة، فخفّف مع عدمها من اللفظ.

وحجة الباقين في تثقيل المخفوض، وتخفيف المنصوب أن المنصوب يلزم راءه الحركة في الوصل والوقف، فوجب تخفيف عينه، للزوم الحركة للامه وفائه، والمخفوض لا يلزم الحركة لامه إلا في الوصل، فلم يخفّف عندهم، إذ اللام في الخفض لا يلزمها الحركة في الوقف، والقراءتان بمعنى، وما عليه الجماعة أحبّ إليّ (٢).

«٤٥» قوله: ﴿مِنْ لَدُنِّي﴾ قرأه نافع وأبو بكر بالتخفيف، وشدّده (٣) الباقون. وكلهم ضمّ الدّال إلا أبا بكر، فإنه أسكنها، وأشمّها الضم.

وحجة من شدّد أنه أدغم نون «لدني» في النون التي دخلت مع الياء، ليسلم سكون نون «لدن»، كما قالوا: إني وعني.

وحجة من خفّف النون أنه لم يأت بنون مع الياء، لأنه ضمير مخفوض ك «غلامي وداري» فاتصلت الياء بنون «لدن» فكسرتها.

«٤٦» وحجة من أسكن الدال أنه لغة للعرب، يقولون: لدن غدوة، فيجمعون بين ساكنين، ويكسرون النون لالتقاء الساكنين، إذا وصلوا، ومن أجل ذلك أشمّ أبو بكر الدال الضمّ، إذ أصلها النصب. وقد قيل: إن النون إنما كسرت في قراءة من أسكن الدال لالتقاء الساكنين، وهذا الإشمام يرى


(١) سيأتي هذا الحرف في سورة الطلاق، الفقرة «١».
(٢) زاد المسير ٥/ ١٧٣، وتفسير النسفي ٣/ ٢١، والنشر ٢/ ٣٠١.
(٣) ب: «شدد» ورجحت ما في: ص، ر.