للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدهما للآخر، وهو صحيحٌ عند الجماهير؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى الوثيقة (١)، وهي ثلاثةٌ: الشَّهادة، والرَّهن، والضَّمان، فالأُولى لا يستوفَى منها الحقُّ، والثَّانية يبقى مرهونًا إلى أن يؤدِّيَ، فلم يبقَ غير الضَّمان، ولأنَّه لو لم يصحَّ لامْتَنَعت المعاملات مع من لم يَعرف ذلك، وفيه ضررٌ عظيمٌ رافعٌ لأصل الحكمة الَّتي شُرع البيع من أَجلِها، ومثلُ ذلك لا يَرِد به الشَّرعُ.

وظاهره: صحَّة ضمان العهدة عن البائع للمشتري قبلَ قبضِ الثمن وبعدَه.

وقال القاضي: يصحُّ بعده؛ لأنَّه لو خرج قبل القبض مستحَقًّا؛ لم يجب على البائع شيءٌ، وهو مبنيٌّ على ضمانِ ما لم يجب إذا كان مفضيًا إلى الوجوب؛ كالجعالة.

وألفاظه: ضمنتُ عهدتَه، أو ثمنَه، أو دَرَكَه، ويقول المشتري (٢): ضمنتُ خلاصَك منه، أو ثمنِه.

فلو ضَمِن له خَلاص المبيع؛ فقال أحمد: لا يَحِلُّ (٣)، واختاره أبو بكرٍ؛ لأنَّه إذا خرج حُرًّا، أو مستحَقًّا؛ لم يَستَطِع خَلاصَه.

وفي دخول نقض (٤) بناءِ المشتري في ضمانها، ورجوعِه بالدَّرك مع اعترافه بصحَّة البيع وقيام بيِّنةٍ ببطلانه؛ وجهان.

وإن باعه بشرط ضمان دَرَكه إلاَّ من زَيدٍ، ثمَّ ضمِن دَرَكه منه أيضًا؛ لم يَعُدْ صحيحًا، ذَكَرَه في «الانتصار».

مسألةٌ: يصِحُّ ضمانُ نقصِ صَنْجة، ويَرجِع بقوله مع يمينه.

(وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْكِتَابَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ)، وقاله أكثرُ العلماء؛


(١) في (ق): الوسيلة.
(٢) كذا في النسخ الخطية، والذي في المغني ٤/ ٤٠٤، الشرح الكبير ١٣/ ٣١: للمشتري.
(٣) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٦٦١.
(٤) في (ق): نقص.