للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يخلو في مِلْكِ الغير من عقوبةٍ أو مالٍ، فوجب أن يمنع الرَّدَّ؛ كالبكر.

(وَإِنْ وَطِئَ الْبِكْرَ، أَوْ تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ)؛ كقطع الثَّوب؛ (فَلَهُ الْأَرْشُ)، اختاره أبو بكرٍ وأبو الخطَّاب وابن أبي موسى، وذكر أنَّه الصَّحيح عن أحمدَ، وقدَّمه في «المحرَّر»، وجزم به في «الوجيز»؛ لأنَّ العقد اقتضى السَّلامة، فإذا فات منه شيءٌ؛ وجب الرُّجوعُ فيما قابَلَه من الثَّمن، فعلى هذا لا يَملك الرَّدَّ؛ لأنَّه شُرِع لإزالة الضَّرر، وفي الرَّدِّ ضررٌ على البائع، والضَّرر لا يُزالُ بالضَّرر؛ إذ ضرر المشتري ينجبِر بالأرْش فتعيَّن، ولأنَّ وطأها يعيبها عرفًا، وينقصها حسًّا؛ لكونه يذهب جزءًا منها.

(وَعَنْهُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ (١) بَيْنَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ)، وهذا (٢) اختيار الخِرَقِيِّ، والقاضي أبي الحسين، والمؤلِّف، قال في «التَّلخيص»: وهي المشهورةُ، وعليها الأصحاب؛ لحديث المصرَّاة (٣)، فإنَّه جعل للمشتري الرَّدَّ مع ذهاب جزءٍ من المبيع، وهو اللَّبن، وجعل التَّمرَ بدلاً له.

وقد روى الخَلاَّل بإسناده عن ابن سيرين: أنَّ عثمان قال في رجلٍ اشترى ثوبًا ولَبِسه، ثمَّ اطَّلع على عيبٍ: «فرُدُّه وما نقص» (٤)، فأجاز الرَّدَّ مع


(١) في (ح): لمخير.
(٢) في (ح): هذا.
(٣) أخرجه البخاري (٢١٥١)، ومسلم (١٥٢٤)، وقد سبق.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٢١١٦٨)، وأحمد في مسائل عبد الله (ص ٢٨٣)، وابن حزم في المحلى (٧/ ٥٩٢)، عن محمد بن سيرين: «أن عثمان كان يقضي في الثوب يشتريه الرجل فيجد به العيب؛ أن يرده وإن كان قد لبسه»، وأخرجه ابن أبي شيبة (٢١١٧٤)، وأحمد في مسائل عبد الله (ص ٢٨٣)، بلفظ: «من اشترى ثوبًا فوجد به عيبًا، فهو بالخيار»، وهذا مرسل جيد احتج به أحمد كما ذكر المصنف، وابن سيرين ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ، ومراسيله جياد، قال أحمد: (مرسلات ابن سيرين صحاح حسنة المخرج)، وقال شيخ الإسلام: (مراسيله من أصح المراسيل). ينظر: العدة للقاضي ٣/ ٩٢٤، منهاج السنة ٦/ ٢٣٧.