للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التِّرمذيُّ وحسَّنه (١).

وظاهِرُه: أنَّ الرجل (٢) إذا سُبِيَ منفردًا (٣) لا يَنفسِخ نكاحُه؛ لأِنَّه لا نَصَّ فيه، ولا يقتضيه القياس.

وقال أبو الخطَّاب: إذا سُبِي أحدُ الزَّوجين؛ انفسخ النِّكاح، ولم يفرّق.

(وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَنِ اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؟ عَلَى رِوايَتَيْنِ):

أظهرهما: لا يَصِحُّ، قال أحمد: (ليس لأهل الذِّمَّة أن يشتروا ممَّا سَبَى المسلمون؛ لأِنَّه يُروَى أنَّ عمر كتب ينهى أمراء الأمصار عن ذلك) (٤)، ولأنَّ


(١) أخرجه مسلم (١٤٥٦)، والترمذي (٣٠١٧، ٣٠١٦).
(٢) في (ب) و (ح): الزوج. والمثبت موافق لما في الإقناع.
(٣) زيد في (ب) و (ح): أنه.
(٤) ينظر: مسائل عبد الله ص ٢٤٨.
جاء ذلك في الشروط العمرية المشهورة، وقد أخرجها الخلال في أحكام أهل الملل (١٠٠٠)، من طريق إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا غير واحد من أهل العلم، قالوا: كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم: وذكرها، ومنها: «أن لا يشتروا من سبايانا شيئًا».
وأخرج هذه الشروط: ابن الأعرابي في معجمه (٣٦٥)، وابن السماك في جزء فيه شروط عمر (ص ٢٤)، وابن زبر في جزء شروط النصارى (١٠)، والبيهقي في الكبرى (١٨٧١٧)، وابن كثير في مسند الفاروق (٢/ ٢٨٨)، من طرق عن مسروق الأجدع، عن عبد الرحمن بن غنم، وفي إسناده يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو منكر الحديث، كذَّبه ابن معين، وقد تابعه غيره: قال ابن زبر في جزئه (١١): ووجدت هذا الحديث بالشام: رواه عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، عن محمد بن حمير، عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، عن السري بن مصرف وسفيان الثوري والوليد بن نوح، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب حين صالحه نصارى أهل الشام … فذكر مثله سواء بطوله. قال ابن زبر: (فعجبت من اتفاق ابن أبي غنية ويحيى بن عقبة على روايته عن هؤلاء الثلاثة بأعيانهم، حتى كأن أحدهم أخذ عن الآخر، فالله أعلم)، وهذا إسناد صحيح إلى عبد الملك بن حميد بن أبي غنية.
وأخرجه ابن زبر في جزء شروط النصارى (٩)، من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم. وشهر كثير الإرسال.
قال ابن كثير بعد أن ساق طرقه في مسند الفاروق ٢/ ٤٩١: (فهذه طرق يشد بعضها بعضًا، وقد ذكرنا شواهد هذه الشروط، وتكلمنا عليها مفردة، ولله الحمد)، وقال الشيخ تقي الدين في الاقتضاء ١/ ٣٦٥: (وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة، بين العلماء من الأئمة المتبوعين، وأصحابهم، وسائر الأئمة، ولولا شهرتها عند الفقهاء لذكرنا ألفاظ كل طائفة فيها)، وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ٣/ ١١٦٤: (وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها).