للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما تقدم نقلها في فصل التفاضل في العمل باعتبار الاقتصاد والتيسير. (١)

وقد كان النبي يراعي هذا الجانب المهم فيما يسنده إلى أصاحبه من أعمال، فيوجه كل واحد منهم إلى ما يعلم قدرته عليه وإتقانه له من الأعمال، بحسب استعداداتهم الفطرية، والنفسية والجسدية، والعلمية.

فوجه بعضهم إلى تعليم الناس في الأمصار أمور دينهم (٢) وأسند إلى بعضهم قيادة الجيوش والسرايا (٣) وكان يرجع إلى أهل الرأي والخبرة فيستشيرهم فيما يعرض له من أمور المسلمين (٤)، واتخذ كُتَّابا بين يديه ممن كانوا يحسنون الكتابة (٥)، وكان يتعهد من علم منه الحرص على العلم بالتعليم ولربما دعا لبعضهم بذلك كما دعى لأبي هريرة وابن عباس (٦) .

كما كان في مقابل هذا لا يُمَكِّن من العمل من علم ضعفه أو عجزه عنه كما ردَّ طائفة من أصحابه عن الخروج معه للجهاد يوم أحد لصغر سنهم وضعفهم عن الجهاد (٧)، وامتنع من تولية من سأله الإمارة مصرحاً بسبب ذلك في قوله: «إنك ضعيف وإنها أمانة». (٨) وأمر عبد الله بن زيد بعد أن رأى في منامه صفة الأذان أن يعلمه بلال بن رباح معللاً ذلك بكونه (أندى منه صوتاً) فكان بلال مؤذن رسول الله (٩).


(١) انظرها ص: ١١٦ - ١١٧.
(٢) انظر زاد المعاد لابن القيم ١/ ١٢٣.
(٣) انظر الفصول في سيرة الرسول لابن كثير ١٢٢ - ١٢٥.
(٤) انظر المستدرك للحاكم ٢/ ٢٤٧، والسنن الكبرى للبيهقي ١/ ٦٦٤.
(٥) انظر زاد المعاد لابن القيم ١/ ١١٧، والمختصر الكبير في سيرة الرسول لابن جماعة ص: ١١١.
(٦) انظر صحيح البخاري مع الفتح ١/ ٢١٥، وسنن الترمذي ٥/ ٦٧٩، ٦٨٠.
(٧) انظر تاريخ الطبري ٢/ ٥٠٥.
(٨) انظر الحديث في صحيح مسلم ٣/ ١٤٥٧ ح (١٨٥٢).
(٩) انظر الحديث في مسند أحمد ٢٦/ ٤٠٢ ح (١٦٤٧٨) وقال محققه «إسناده حسن».

<<  <   >  >>