للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


السيوطي، أي أشر بأصبع واحدة، لأن الذي تطلب منه واحد، وفي (النهاية) في أسماء الله تعالى «الأحد» وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءني أحد، والهمزة فيه بدل من الواو، وأصله وحد لأنه من الوحدة، وقيل من الواحد، وقد حمله بعضهم على رفع السبابة في الاستغفار لما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا «المسألة رفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بأصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا» وقال بعض العلماء: إن ذلك كان في التشهد. (تخريجه) (د) في الدعوات. (نس) في الصلاة. ورواه الحاكم في الدعوات وصححه عن سعد بن أبي وقاص، قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بأصبعيّ فقال: أحِّد أحِّد وأشار بالسبابة» ورواه (مذ. نس. ك.) عن أبي هريرة «أن رجلاً كان يدعو بأصبعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحِّد أحِّد» قال الترمذي: حسن غريب. وصححه الحاكم وأقره الذهبي. وقال الهيثمي: رجاله ثقات. اهـ. وقد أثبته هنا لاحتمال أن يكون ذلك في الدعاء بعد التشهد ولمناسبة أحاديث الباب والله أعلم بالصواب. وفي الباب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا ورجل قائم يصلي فلما ركع وتشهد قال في دعائه اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: والذي نفس محمد بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي وغيره. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التعوذ بعد التشهد الأخير لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة «إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ» وقد استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة وإليه ذهب بعض الظاهرية، واختاره الشوكاني إن علم تأخر الأمر عن حديث المسيء. وحمله الجمهور على الاستحباب. وفيها أيضًا دليل على ثبوت عذاب القبر وعلى ظهور الدجال وحصول فتنته (وقد أفردت لذلك بابًا في كتاب أشراط الساعة وعلاماتها).
وفيها دلالة أيضًا على التنفير من الديْن (بفتح الدال المهملة مشددة) بقدر المستطاع لأنه يحمل المدين على ارتكاب الكذب والخلف في الوعد كما صرح بذلك في الحديث، ولأنهما من صفات المنافقين، ولما روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين راية الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يذل عبدًا وضعها في عنقه» أورده الحافظ السيوطي في (الجامع الصغير) ورمز له بالصحة. فينبغي لكل عاقل أن لا يستدين إلا لحاجة شرعية ضرورية مع العزم على الوفاء، فإن كان كذلك فلا بأس به، وقد استدان صلى الله عليه وسلم ووفّى. وفيها أيضًا مشروعية

<<  <  ج: ص:  >  >>