للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّما هُوَ من رواية قيس بْن أَبِي حازم، أعرابيّ بوّال عَلَى عقبيه.

قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذَلِكَ: فحين أطْلَع لي هذا علمت أَنَّهُ من عمل عليّ بْن الْمَدِينِيّ [١] .

قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب [٢] : هذا باطل، قد نزَّه اللَّه عليَّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ قول ذَلِكَ فِي قيس بْن أَبِي حازم، وليس فِي التّابعين من أدركَ العشرة وروى عنهم غيره. ولَم يحك أحدٌ مِمن ساق محنة أَحْمَد أَنَّهُ نوظر فِي حديث الرؤية.

قَالَ والدي: يُحكى عَنْ علي أَنَّهُ روى لابن أَبِي دُؤاد حديثًا عَنِ الوليد بْن مُسْلِم فِي القرآن أخطأ فِيهِ، فكان أَحْمَد بْن حنبل يُنْكرُ عَلَيْهِ رواية ذَلِكَ الحديث.

واللفظُ: «كِلُوه إلى عالِمِهِ» ، فقال عليّ: «كِلُوه إلى خالِقِه» [٣] .

وقال أَبُو العَيْنَاء: دخلَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إلى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد بعد محنة أَحْمَد بْن حنبل، فناوله رُقْعَةً، فقال: هذه طُرِحَت فِي داري. فإذا فيها:

يا ابن الْمَدِينِيّ الَّذِي شُرِعَت لَهُ ... دُنيا فجاد بدينه لينالها

ماذا دعاكَ إلى اعتقاد مقالةٍ ... قد كَانَ عندك كافرًا من قالها

أمرٌ بدا لك رُشْدُهُ فقبِلْتَهُ ... أمْ زهرة الدُّنيا أردتَ نَوَالها

فلقد عهِدتُكَ- لا أَبَا لك- مرَّةً ... صعْبَ الْمَقادة للّتي تُدْعَى لَها

إنّ الحريب لَمَنْ يُصَابُ بدِينِه ... لا من يرزئ ناقة وفِصَالها

فقال لَهُ: لقد قمت وقمنا من حقّ اللَّه بِما يصغّر قدْر الدُّنيا عِنْدَ كبير ثوابه.

ثُمَّ وصله بِخمسة آلاف درهم [٤] .

وقال ابن عدي: سمعتُ مُسَدَّد بْن أَبِي يوسف القَلوَسيّ: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: قلتُ لعلي بْن الْمَدِينِيّ: مِثْلُك وفي علمك يجيب إلى ما أجبت إِلَيْهِ؟

قَالَ: يا أَبَا يوسف ما أهْون عليك السّيف [٥] .


[١] تاريخ بغداد ١١/ ٤٦٦، ٤٦٧ وزاد: «فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه» .
[٢] في تاريخ بغداد ١١/ ٤٦٧.
[٣] تاريخ بغداد ١١/ ٤٦٨.
[٤] تاريخ بغداد ١١/ ٤٦٩، ٤٧٠.
[٥] تاريخ بغداد ١١/ ٤٧١.