للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنّه قيل له ذلك قبل أنّ يعرف شفوف منزلته.

الثّاني: أنّه سأل ذلك لنفسه وأهل بيته، ليتمّ النَّعْمَةَ عليه والبركة كما أتَمَّها على إبراهيم.

الثّالث: أنّه سأل ذلك لنفسه ولأُمَّتِه (١).

الرّابع: أنّه سأل ذلك ليضاعفَ له، فيكون لإبراهيم عليه السّلام أصليًا وله مضاعفًا.

الخامس: أنّه سأل الدَّوامَ فيه ليجري (٢) ذلك إلى يوم القيامة، كما قال إبراهيم: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (٣) أراد به جَرَيَان العمل والثّناء الحَسَنُ.

السّادس: أنّه يحتمل أنّ يكون ذلك له بدعاء أُمَّتِهِ، أعطاهم اللهُ هذه الفضيلة بان يُكرم رسوله على أَلسِنَتِهِم.

السّابع: أنّ الله شرعَ ذلك ثوابًا لهم، قال - صلّى الله عليه وسلم -: "من صلَّى عَلَيَّ صلاةً، صلّى اللهُ عليه عَشْرًا، (٤) مطابقٌ لقوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٥).

فإن قيل (٦): فهذا كان هذا فما فائدته؟

قلنا: أعظمُ فائدةٍ، وذلك أنَّ القرآنَ اقتضَى أنَّ من جاء بالحسنةِ تضاعفَ له بعشرٍ، والصلاة على النَّبيِّ حسنةٌ، فيقتضي القرآن أنّ يُعْطَى عشر درجات في الجنّة. فأخبر اللهُ سبحانه أنّه يصلِّي على من صلَّى على نبيِّهِ (٧) عشرًا، وذِكْرُ اللهِ للعَبْدِ أعظم من الجنَّة مضاعفة.

وتحقيق ذلك: أنّ اللهَ تعالى لم يجعل جزاء ذِكرهِ إلَّا ذِكرُهُ، كذلك جعلَ جزاءَ ذِكْرِ نبيِّه ذكره لمن ذَكَرَهُ وصلَّى عليه، وقد خَرَّجَ أبو داود (٨) والنّسائي (٩)؛ أنّ النَّبيَّ


(١) زاد في أحكام القرآن: "على القول بأن آل محمّد كلّ مَنِ اتَّبَعَهُ".
(٢) في القبس: "ليجزي".
(٣) الشعراء: ٨٤.
(٤) أخرجه مسلم (٤٠٨) من حديث أبي هريرة.
(٥) الأنعام: ١٦٠.
(٦) من هنا إلى بداية قوله: "وقد روِّينَا، لم يرد في القبس، وانظره في العارضة: ٢/ ٢٧٢.
(٧) غ، والعارضة: "رسوله".
(٨) في سننه (١٠٤٧) من حديث أوس بن أوس.
(٩) في الكبرى (١٦٦٦)، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (٨٦٩٧)، والدرامي (١٥٧٢)، وابن ماجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>