٥٢ (١) - فإن قيل: الأمر بالمخالفة أمر بالحقيقة المطلقة وذلك لا عموم فيه، بل تكفي فيه المخالفة بأمر ما قلت: هذا سؤال يورده بعض المتكلمين في عامة الأفعال المأمور بها، ويلبسون به على الفقهاء وجوابه من وجهين:
أحدهما: أن المخالفة ونحوها قد يكون العموم فيها من جهة عموم الكل لأجزائه لا من جهة عموم الجنس لأنواعه، فإن العموم ثلاثة أقسام:
١ - عموم الكل لأجزائه وهو ما لا يصدق فيه الاسم العام ولا أفراده على جزئه في الأعيان والأفعال والصفات مثل: الوجه فإنه عام لأجزائه من العينين والخدين والفم والأنف ولا يصدق اسم الوجه على واحد منها، ومثل إذا قيل: أكرم زيدًا. فأطعمه، وضربه لم يكن ممتثلًا لأن الإكرام المطلق يقتضي أن لا يسوءه بشيء وإذا قيل: خالفوهم فإن المخالفة المطلقة تقتضي أن لا يوافقهم في شيء.
٥٤ -٢- عموم الجمع لأفراده وهو ما يصدق فيه أفراد الاسم العام على آحاده مثل (المسلمين) فإن فرده وهو مسلم يصدق على كل واحد من المسلمين.
٣ - عموم الجنس لأنواعه وأعيانه وهو ما يصدق فيه الاسم العام على أفراده مثل قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} ، فإن الدابة والماء يصدقان على كل فرد من أفراد الدواب والماء وقد مثل له المؤلف
(١) الشيخ – رحمه الله تعالى- ذكر هذه الفائدة من الصفحة نفسها والترقيم صحيح، وإنما رجع الشيخ لينقل هذه الفائدة.