٣٨٥١ - وعن أبي سعيد [رضي الله عنه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا؛ وجبت له الجنة)). فعجب لها أبو سعيد. فقال: أعدها علي يا رسول الله! فأعادها عليه، ثم قال:((وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)). قال: وما هي يا رسول الله؟ قال:((الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله)). رواه مسلم.
٣٨٥٢ - وعن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف)). فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى! أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال: نعم. فرجع إلي أصحابه، فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن سيفه، فألقاه، ثم مشى بسيفه إلي العدو فضرب به حتى قتل. رواه مسلم.
ــ
ينفر، وهو مبالغة في قطع الطمع عن الغنيمة بل يكون خالصا لله تعالي غير مشوب بأغراض دنيوية، كقوله صلى الله عليه وسلم:((وإنما لامرئ ما نوى)).
الحديث الثالث عن أبي سعيد: قوله: ((وأخرى)) صفة موصوف محذوف، وهو مبتدأ ((ويرفع الله)) خيره، أو منصوب علي إضمار فعل، أي ألا أبشرك ببشارة أخرى. وقوله:((يرفع الله)) صفة أو حال. وقيل: أي وخصلة أخرى. وينصر التقدير الأول قوله:((فعجب لها)). وفي هذا الأسلوب تفخيم أمر الجهاد وتعظيم شأنه فإن قوله:((من رشي بالله ربا وبالإسلام دينا)) مشتمل علي جميع ما أمر الله به ونهي عنه ومنه الجهاد. وكذا إبهامه بقوله:((وأخرى)) وإبرازه في صورة البشارة ليسأل عنها فيجاب بما بجاب؛ لأن التبيين بعد الإبهام أوقع في النفس، وكذا تكراره ثلاث مرات. ونظير الحديث قوله تعالي: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلي تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ومَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ (١٢) وأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ}.
الحديث الرابع عن أبي موسى: قوله: ((تحت ظلال السيوف)) ((مح)): معناه أن الجهاد وحضور معركة القتال طريق إلي الجنة وسبب لدخولها. أقول: هو كناية تلويحية عن إعلاء كلمة الله ونصرة دينه؛ فإن ((تحت ظلال السيوف)) مشعر بكونها مشهرة غير مغمدة، ثم هو مشعر بكونها رافعة فوق رءوس المجاهدين كالمظلات. ثم هو علي التسايف والتضارب في المعارك. ثم هو علي إعلاء كلمة الله العليا، ونصرة دينه القويم الموجبة لأن يفتح لصاحبها أبواب الجنة كلها،