للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَا أَسَفَى} تأسف {عَلَى يُوسُفَ} والتأسف التلهف (١)؛ لأن المحن توالت بعد غيبته فتأسف على حالة وجوده وحضوره عنده، {تَفْتَأُ} لا تفتؤ، أي لا تزال، وحذف (لا) مع الأيمان جائز (٢)، {حَرَضًا} والحرض الحزن وفساد الجسم بشيء (٣).

(البث) أشد الحزن (٤) و {إِنَّمَا} جمع (٥) للتأكيد، {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ} من لطفه وصنعه.

{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا} كان يعقوب -عليه السلام- غير شاكِّ في يوسف أنه لم يأكله الذئب، ولم يقتله (٦) إخوته، ولم يقبضه ملك الموت بعلمه بأن الله


(١) التأسف هو الحزن، فالمعنى: يا حزنًا على يوسف، روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وقتادة والضحاك. أخرجه عنهم الطبري في تفسيره (١٣/ ٢٩٤).
(٢) قوله: "تفتأ" هو جواب القسم في قوله: "تالله" وهو على حذف "لا" ويدل على حذفها أنه لو كان مثبتًا لاقترن بلام الابتداء ونون التوكيد معًا عند البصريين، أو أحدهما عند الكوفيين. وهي ناقصة بمعنى - لا تزال- فترفع الاسم وهو الضمير، وتنصب الخبر وهو الجملة من قوله: "تذكر".
وسقوط (لا) منها ومن غيرها معروف في كلام العرب، تقول العرب: والله أقصدك أبدًا: أي لا أقصدك، ومنه قول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرحُ قاعدًا ... ولو قَطَّعوا رأسي لديْكِ وأوصالي
[الكشاف (٢/ ٣٣٩)، البحر (٥/ ٣٢٦)، المحرر (٩/ ٣٦٠)، الدر المصون (٦/ ٥٤٦)].
(٣) روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن "الحرض" هو الذاهب عقله، الدنف الجسم الذي بلغ به المرض جهدًا. وقال أبو عبيدة: هو الذي أذابه الحزن -أي أذاب عقله وجسمه- وقال الزجاج: الحرض هو الفاسد في جسمه، وكذا قال الفراء.
[تفسير الطبري (١٣/ ٣٠٣)، زاد المسير (٢/ ٤٦٤)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٥٤)،
معاني القرآن للزجاج (٣/ ١٢٦)].
(٤) قاله ابن قتيبة، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "بثي" هَمِّي. تقول: بثثته أي فرقته، ومنه قول ذي الرمة:
وقفت على رَبْعٍ لميَّةَ ناقتي ... فما زِلتُ أبكي عنده وأُخاطِبهْ
وأسقيه حتى كاد مما أبثهُ ... تُكَلِّمُنِي أحجاره وَمَلاعِبُهْ
[تفسير القرطبي (٩/ ٢٥١)، زاد المسير (٢/ ٤٦٥)].
(٥) في "ب" "ي": (بشيء) وهو خطأ.
(٦) في الأصل "ب": (يقتله).

<<  <  ج: ص:  >  >>