للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المفسرون: معناه: "كُلُوا من الحلال، واعملوا ما أمرتكم به" (١).

ومن حديث أبي هريرة الصحيح ما خرَّجه الترمذي عن النبي: "إن الله طَيِّبٌ لا يقبل إلَّا طَيِّبًا، وإن الله أَمَرَ المؤمنين بما أَمَرَ به المرسلين، فقال للرسل: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾، وقال للمؤمنين؛ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (٢)، وذك الحديث.

وهذا كلام من لم يفهم مقطع الآية (٣).

وقال الأَحْبَارُ: المعنى: " ﴿كُلُوا مِنْ الْطَيِّبَاتِ﴾؛ يأكل كل أحد ما كان حلالًا وَقْتَه (٤)، مباحًا في شريعته، ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾، يعمل كل أحد بما كان موافقًا لأمر الله في زمانه، مُوَظَّفًا عليه في شريعته" (٥).

فالخطاب للرُّسُلِ مُشْتَرَكُ اللفظ منفصلُ المعنى؛ لانفصال أحوالهم في مللهم، والخطابُ للمؤمنين مشتركُ اللفظ مشترك المعنى؛ لاستواء أحوالهم في جملتهم وتفصيلهم، واجتماعهم وافتراقهم.

وأمَّا طيب المعيشة؛ فإن طيب العيش في قول العلماء لا يُعْرَفُ بالنُّطْقِ، وإنما يُعْرَفُ بالذوق، وذلك الطيب من لذه المناجاة، وحلاوة


(١) تفسير الطبري: (١٧/ ٥٩ - التركي).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه: أبوابُ التفسير عن رسول الله ، بابٌ ومن سورة البقرة، رقم: (٢٩٨٩ - بشار).
(٣) يقصد كلام المفسرين الذي ذَكَره قبلُ.
(٤) في (ص): في وقته.
(٥) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٧٧).