للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرئ بكَسْر اللَّام، وهو بهما جَمِيعًا: أَخْلَصَهُ الله وأَخْلَصَ لله، لم يكن فيه لغير الله حَظٌّ، ولا أخذته فى الله لومة لائم، ولا استفزه طَمَعٌ على إيثار حَظٌّ على طاعته (١)، ولم يُغْضِ في الله على شيء، حتى إن مَلَكَ الموت لمَّا جاءه- دون المقدمة التي كانت بينه وبين الله- صَكَّهُ ففَقَأَ عينَه (٢).

ومن أراد (٣) غَيْرَ الله مُطْلَقًا بعمله كله أو بعض (٤) عمله دَخَلَ في الحديث الصحيح عن عائشة : أن معاوية كتب إليها لتكتب له (٥) بما سمعت من رسول الله ، فكتبت إليه بفِقْهِها وثاقب فَهْمِها وعظيم عِلْمِها: سمعتُ رسول الله يقول: "من التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم، ومن التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس" (٦).

وما كان أحوج معاوية إلى هذه الوصية! فإنه كانت له فَضْلَةُ حِلْمِ تَسَعُ أخلاق الناس؛ فخَشِيَتْ عليه أن يَنْسَحِبَ حِلْمُه على مسامحةٍ فيما لا يجوز، فما نبَّهت منه غافلًا، ولا ذَكَّرَتْ نَاسِيًا، ولقد ساد وساس، حتى وَجَدَ الناسُ فَقْدَه، ولم يَجِدُوا بعده مثله (٧)، فإياكم ثم إيَّاكم أن تسمعُوا فيه قَوْلَ المؤرخين! فهُم عن الحَقِّ جِدُّ نَاكبينَ.


(١) في (د) و (ص): طاعة.
(٢) تقدم تخريجه في السفر الأول.
(٣) في (د) و (ص): وهو إذا أراد.
(٤) في (د): ببعض.
(٥) في (د) و (ص) و (ز): إليه.
(٦) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الزهد عن رسول الله ، بابٌ منه، رقم: (٢٤١٤ - بشار).
(٧) في (د) و (ص) و (ز): مثله بعده.