للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الهجان: الخالص الذى أبواه عربيّان. وضع «تكون» فى موضع «كان» (١) كما قال زياد الأعجم:

فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الهجان وكلّ طرف سابح

وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد بكون أخادم وذبائح

ونقيض هذا قول الطّرمّاح:

وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى ... من الأمس واستيجاب ما كان فى الغد (٢)

وقد ورد فى التنزيل هذا الفنّ فى مواضع، منها قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ /أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ} (٣) وقوله: {ما يَعْبُدُونَ إِلاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} (٤) فهذا وضع المستقبل فى موضع الماضى، ومن وضع الماضى فى موضع المستقبل قوله جلّ وعز: {وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (٥) لأنّ هذا إنما يكون فى يوم القيامة، ومثله: {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ} (٦).

قال أبو الفتح عثمان بن جنّى: قال لى أبو علىّ: سألت أبا بكر-يعنى ابن السّرّاج-عن الأفعال يقع بعضها فى موقع بعض، فقال: كان ينبغى للأفعال أن تكون كلّها مثالا واحدا؛ لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها لاختلاف أزمنتها، فإذا اقترن بالفعل ما يدلّ عليه من لفظ أو حال، جاز وقوع بعضها موقع بعض.

قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبى بكر عال سديد. وقد ذكرت هذا فيما


(١) فرغت منه فى المجلس السابع
(٢) وهذا أيضا مثل سابقه.
(٣) سورة البقرة ٩١.
(٤) سورة هود ١٠٩.
(٥) سورة المائدة ١١٦.
(٦) سورة الأعراف ٥٠.