للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظلوماً"١.

ولما رجع أولئك النفر إلى علي رضي الله عنه وأخبروه بجواب معاوية رضي الله عنه لهم وأنه لن يبايع حتى يقتل القتلة أو يسلمهم" عند ذلك نشبت الحرب بين الفريقين واقتتلوا مدة شهر ذي الحجة كل يوم، وفي بعض الأيام ربما اقتتلوا مرتين ولما دخل شهر المحرم تحاجز القوم رجاء أن تقوم بيهم مهادنة وموادعة يؤول أمرها إلى الصلح بين الناس وحقن دمائهم"٢ ثم في خلال هذا الشهر بدأت مساعي الصلح والمراسلة تتكرر بين الطرفين ولكن انسلخ شهر المحرم ولم يحصل لهم أي اتفاق، ولم يقع بينهم صلح.

ثم نشبت الحرب بين الطائفتين أياماً ثمانية وكان أشدها وأعنفها ليلة التاسع من صفر سنة سبع وثلاثين حيث سميت هذه الليلة "ليلة الهرير" تشبيهاً لها بليلة القادسية اشتد القتال فيها حتى توجه النصر فيها لأهل العراق على أهل الشام"٣.

وتفرقت صفوفهم وكادوا ينهزمون فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح وقالوا: هذا بيننا وبينكم قد فنى الناس فمن لثغور أهل الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق، فلما رأى الناس المصاحف قد رفعت قالوا: نجيب إلى كتاب الله ـ عز وجل ـ وننيب إليه"٤.

ولما رفعت المصاحف بالرماح توقفت الحرب ولما رفع أهل الشام المصاحف اختلف أصحاب علي رضي الله عنه وانقسموا عليه فمنهم: من رأى الموافقة على التحكيم ومنهم من كان يرى الاستمرار في القتال حتى يحسم الأمر، وهذا كان رأي علي رضي الله عنه في بادئ الأمر، ثم وافق أخيراً على التحكيم".

فتم الاتفاق بين الفريقين على التحكيم بعد انتهاء موقعة صفين وهو أن يحكم


١ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٤/٥٧٣، الكامل لابن الأثير ٣/٢٨٥-٢٨٦، البداية والنهاية ٧/٢٨٠.
٢ـ انظر تاريخ الطبري ٤/٥٧٤-٥٧٥، ٥/٥، الكامل ٣/٢٨٦-٢٨٧، ص/٢٨٩، البداية والنهاية ٧/٢٨٠-٢٨١.
٣ـ انظر تاريخ الطبري ٥/١٢-٤٨، الكامل ٣/٢٩٤-٣١٥، البداية والنهاية ٧/٢٨٤-٢٩٧.
٤ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٥/٤٨، الكامل ٣/٣١٦-٣١٨، البداية والنهاية ٧/٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>