للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى: "وأما حديث الموالاة فليس فيه إن صح إسناده نص على ولاية علي بعده فقد ذكرنا من طرقه في كتاب "الفضائل" ما دل على مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثرت الشكاة عنه وأظهروا بغضه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ويحثهم بذلك على محبته وموالاته وترك معاداته فقال: "من كنت وليه فعلي وليه" وفي بعض الروايات "من كنت مولاه فعلي مولاه" والمراد به ولاء الإسلام ومودته وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً ولا يعادي بعضهم بعضاً وهو معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق١ وفي حديث بريدة "حين شكى علياً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتبغض علياً؟ فقلت: نعم فقال: "لا تبغضه وأحببه وازدد له حباً" قال بريدة: فما كان من الناس أحد أحب إلي من علي بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم"٢.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ذكر قولي أهل العلم في الحديث من حيث الصحة وعدمها: "ونحن نجيب بالجواب المركب فنقول إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام فإن قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلغ بلاغاً مبيناً وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة وذلك أن المولى كالولي والله تعالى قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} ٣ وقال: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} ٤ فبين أن الرسول ولي المؤمنين وأنهم مواليه أيضاً: كما بين أن الله ولي المؤمنين وأنهم أولياؤه وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض


١ـ صحيح مسلم ١/٨٦.
٢ـ الاعتقاد ص/١٨١-١٨٢.
٣ـ سورة المائدة آية/٥٥.
٤ـ سورة التحريم آية/٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>