للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} أنزلت يوم الغدير فهذه الدعوى غير صحيحة فقد رجح العلامة ابن كثير أنها مما نزل بالمدينة بل إنها من أواخر ما نزل فقد قال رحمه الله تعالى: "والصحيح أن هذه الآية مدينة بل هي من أواخر ما نزل بها والله أعلم"١.

وسياق الآية يشعر ببعد نزولها يوم الغدير بشأن خلافة علي رضي الله عنه ذلك أن الآية سبقت بآيات كلها وردت في ذم أهل الكتاب وبيان تعداد معاصيهم وتعديهم حدود الله ـ جل وعلا ـ قال العلامة ابن جرير عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} " وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قص الله تعالى قصصهم في هذه السورة وذكر فيها معايبهم وخبث أديانهم واجترائهم على ربهم، وتوثبهم على أنبيائهم وتبدليهم كتابه وتحريفهم إياه ورداءة مطاعمهم ومآكلهم وسائر المشركين غيرهم ما أنزل عليه فيهم من معايبهم والإزراء عليهم والتقصير بهم، والتهجين لهم وما أمرهم به ونهاهم عنه وألا يشعر نفسه حذراً منهم أن يصيبهم في نفسه مكروه، ما قام فيهم بأمر الله ولا جزعاً من كثرة وقلة عدد من معه وألا يتقي أحداً في ذات الله فإن الله تعالى كافيه كل أحد من خلقه ودافع عنه مكروه كل من يتقي مكروهه"٢.

وأما قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} ٣ فإن نزولها كان بعرفة وحادثة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع وهو في طريقه إلى المدينة قال ابن جرير رحمه الله تعالى ذاكراً القول الراجح في مكان ووقت نزول هذه الآية: "وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم


١ـ انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٦١١.
٢ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٦/٣٠٧.
٣ـ سورة المائدة آية/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>