للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون النفس إلى العدل في الرواية فيما هو نص، كسكونها إلى عدلين في الشهادات.

ولا يخفى أن احتمال صدق أبي بكر -رضي الله عنه- في روايته عن النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "نَحْنُ مَعَاشِرَ الأنبياء لا نورث" أرجح من احتمال أن تكون الآية سيقت لبيان حكم ميراث النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم-١.

فلذلك: عمل به الصحابة، والعمل بالراجح متعين.

فأما قول من قال بالتعارض والوقف: فهو مطالبة بالدليل لا غير٢.

وقد ذكرنا الدليل من وجهين، وبينا أن احتمال إرادة الخصوص أرجح من احتمال النسخ؛ فإن أكثر العمومات مخصصة وأكثر الأحكام مقررة غير منسوخة.

وكون النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- مبينًا لا يمنع من حصوله البيان بغيره، فقد أخبر الله -تعالى- أنه أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء٣.

وقولهم: "المبيِّن تابع" غير صحيح فإن الكتاب يبين بعضه بعضًا، والسنة يخص بعضها بعضًا، وليس المخصص تابعًا للمخصوص.

وقد بينا -فيما تقدم- جواز التخصيص بدليل سابق٤، وبالإجماع ويجوز تخصيص الآحاد بالمتواتر، وليس فرعًا له.


١ هذا تابع لقول المصنف: "أن إرادة الخاص بالعام غالبة معتادة، بل هي الأكثر". كما سبق توضيحه في هامش "١".
٢ أي: أنهم قالوا: إن عموم الكتاب وخبر الواحد متعادلان ولا دليل على الترجيح فيجب التوقف حتى يظهر الدليل، وقد ظهر لهم ما يزيل هذا التوقف.
٣ قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} النحل من الآية "٨٩" وهو رد على بعض الشافعية الذين خالفوا في تخصيص السنة بالكتاب.
٤ كالعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>