للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله قول (١) الشوكاني: "إن الشرك هو دعاء غير الله تعالى أو اعتقاد القدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه أو التقرب إلى غيره … ".

ففي هذه الأمثلة السابقة نجد العلماء قد فسروا الشرك في الألوهية بأنه الشرك في الدعاء بنوعيه وقدموا من النوعين دعاء المسألة، وذلك يدل على عنايتهم به أكثر من غيره لمكانته العظيمة أولًا ثم لوقوع الخصومة فيه ثانيًا، ويبين هذا الوجه الآتي.

٣ - ثم إن الخصومة الكبرى التي وقعت بين الدعاة إلى التوحيد الخالص وبين مخالفيهم إنما وقعت في هذه المسألة، وهي إفراد الله تعالى بالدعاء والتحذير من دعاء غيره تعالى لأن المخالفين يرون أن دعاء غير الله إذا كان المقصود به التوسط لا بأس به، وأن الدعاء ليس مثل السجود والركوع في منع صرفه لغير الله تعالى إلى غير ذلك مما سيأتي في ذكر شبههم فاحتاج الدعاة إلى التوحيد إلى كثرة الخوض فيه وبيانه بكل الطرق وبأساليب متنوعة، وبيان أن الدعاء من أهم العبادات وأن صرفه لغير الله شرك وضلال، فهذا هو الذي جعلهم يبدأون به قبل غيره، ويُعْنَوْنَ به أكثر.

وقد ذكر الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد رحمهما الله أنه لم يكن هناك خلاف له وَقْع بينهم - أي بين الدعاة إلى التوحيد الخالص ومخالفيهم - إلَّا في أمرين:

"أحدهما: إخلاص التوحيد لله تعالى، ومعرفة أنواع العبادة وأن الدعاء من جملتها وتحقيق معنى الشرك الذي قاتل عليه الرسول . والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (٢).

وذكر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - رحمهما الله - أن الخصومة


(١) الدر النضيد ص: ١٨.
(٢) الهدية السنية ص: ٢٧، والدرر السنية في الأجوبة النجدية: ١/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>