للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه لا بد أن الله ما اعتنى به أكثر من غيره إلا لحكم عظيمة، وأسرار بالغة، من ذلك -والله أعلم- كثرة وقوع الشرك في الدعاء أكثر من غيره من أنواع الشرك قديمًا وحديثًا، فاستحق الاعتناء به، والتحذير منه.

ومن ذلك ما قاله بعضهم من أن العبادات كلها دالة على الطلب والمسألة، على اختلاف المطلوب والمسؤول (١) فصار الدعاء هو المعنى الأشمل الأعم من غيره (٢) فعلى هذا يكون التحذير منه تحذيرًا من جميع أنواع الشرك في الألوهية.

والمقصود من هذا أن الله حذرنا في القرآن الكريم من دعاء غيره أكثر من تحذيره مما سواه من أنواع الشرك، وذلك يدل على أهميته أكثر من غيره. ويزيد هذا الوجه الوجه التالي وضوحًا.

٤ - إن أصل شرك العالم هو الشرك في الدعاء وطلب الحوائج من الصالحين الميتين.

قال ابن القيم في ذكر أنواع الشرك: "ومن أنواعه: طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم" (٣).

فتبين بهذا سر عناية الله تعالى بالشرك في الدعاء أكثر من غيره، كما تبين بذلك منزلته ومكانته.

وإذا عرفنا عناية القرآن الكريم بموضوع الدعاء ننتقل إلى عناية العلماء المصلحين به ونخص العلماء المصلحين لأن بعض العلماء قد اهتموا بموضوعات بعيدة عن منهج القرآن الكريم فاعتنوا بعلم الكلام ولا


(١) تحفة الطالب والجليس: ٩٨ - ٩٩، أو دلائل الرسوخ: ٧٣.
(٢) معارج الألباب ص: ١٨٧.
(٣) مدارج السالكين: ١/ ٣٤٦، وعنه في فتح المجيد: ١٧٣، ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>