وكان ينفق عليه وعلى عياله ويكسوهم ولم يزل سمح السجية بسام الثنية إلى أن بغته الطاعون حالا وكان موته ارتجالا فنضبت جداوله واستراحت حساده وعواذله وكان الله حسنة في صحائف الأيام والليالي وروضة تنبت الشكر في رياض المعالي.
فلو بعت يوما منه بالدهر كله لفكرت دهرا ثانيا في ارتجاعه.
ومات أيضا من بيتهم الأجل المكرم أحمد حلبي بن الأمير علي وكان شابا لطيف الذات مليح الصفات مقبول الطباع مهذب الاوضاع.
ومات أيضا من بيتهم الأمير عثمان بن عبد الله معتوق المرحوم محمد جربجي وأن من أكابر بيتهم وبقية السلف من طبقتهم ذا وجاهة وعقل وحشمة وجلالة قدر.
ومات أيضا من بيتهم الأمير رضوان صهر أحمد جلبي المذكور وكان إنسانا لا بأس به أيضا.
ومات من بيتهم عدد كثير من النساء والصبيان والجواري في تلك الأيام المبددة منهم ومن غيرهم عقد النظام.
ومات الصنو الفريد والعقد النضيد الذكي النبيه من ليس له في الفضل شبيه صاحبنا الأكرم وعزيزنا الافخم إبراهيم جلبي بن أحمد اغا البارودي نشأ مع اخويه علي ومصطفى في حجر والدهم في رفاهية وعز ولما مات والدهم في سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف تزوجت والدتهم وهي ابنة إبراهيم كتخدا القزادغلي بمحمد خازندار زوجها وهو محمد اغا الذي اشتهر ذكره بعد ذلك فكفل أولاد سيده المذكورين وفتح بيتهم وعانى المترجم تحصيل الفضائل وطلب العلم ولازم حضور الدروس بالأزهر في كل يوم وتقيد بحضور الفقه على السيد أحمد الطحطاوي والشيخ أحمد الخانيوشي وفي المعقول على الشيخ محمد الخشني والشيخ علي الطحان حتى ادرك من ذلك الحظ الاوفر وصار له ملكة يقتدر بها على استحضار ما يحتاج إليه من المسائل النقلية والعقلية وترونق بالفضائل وتحلى بالفواضل