للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة١.

وسيأتي مزيد إيضاح لكلامه عند الردّ عليهم.

الردّ على الجهمية والمعتزلة:

سبق أن ذكرت أنّ الجهمية والمعتزلة نفوا صفات الله سبحانه وتعالى، ومن الأولى أن ينفوا صفة الكلام عن الله، ولذلك قالوا عن كلام الله إنه مخلوق.

وهذا ماصرح به عبد الجبار المعتزلي٢ بقوله: "وأما مذهبنا في ذلك فهو أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه، وهو مخلوق محدث" ٣.

وقد بيّن الشيخ الأمين -رحمه الله- خطأ هذا القول وجهالة قائله، واستدل بالأدلة السمعية على بطلان هذا الرأي البعيد عن جادة الصواب والحقّ؛ فقال في تفسير النداء المذكور في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ} الآية٤: "فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى. ولا يعقل أنه كلام مخلوق. ولا كلام خلقه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة؛ إذ لا يمكن أن يقول غير الله: {إنه أنا الله العزيز الحكيم} ٥، ولا أن يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} ٦. ولو فرض أنّ الكلام


١ أصول الدين للبغدادي ص١٠٦. والإرشاد ص٩٩. والمواقف ص٢٩٣. وشرح الصاوي على جوهرة التوحيد ص١٠١، ١٠٤. وانظر أيضاً: الفتاوى ١٢/١٦٥. والبرهان ص٣٧. ومختصر الصواعق ٢/٥١٣.
٢ عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الاسترابادي. من كبار أئمة المعتزلة. ولد سنة (٣٥٩هـ) ، وتوفي سنة (٤١٥) . انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/٢٤٤. ومعجم المؤلفين ٥/٧٨. والأعلام ٣/٢٧٣) .
٣ شرح الأصول الخمسة ص٥٢٨.
٤ سورة مريم، الآية [٥٢] .
٥ سورة النمل، الآية [٩] .
٦ سورة طه، الآية [١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>