للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعلوه أولى بهم من أنفسهم تصديقًا لقوله تعالى ﴿النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب]، وأيقنوا بوجوب أن يوقى بالأنفس والأموال طاعة لقوله تعالى ﴿ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [التوبة: ١٢٠]. وقاموا بمقتضى هذه المحبة اعتقادا وقولا وعملا بحسب ما أو جب الله لنبيه من حقوق على القلب واللسان والجوارح من غير إفراط ولا تفريط. فآمنوا وصدقوا بنبوته ورسالته وما جاء به من ربه ﷿. وقاموا - بحسب استطاعتهم - بما يلزم من طاعته والانقياد لأمره والتأسي بفعله والاقتداء بسنته إلى غير ذلك مما يعد من لوازم الإيمان برسالته.

قال تعالى: ﴿وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] وامتثلوا لما أمر به من حقوق زائدة على مجرد التصديق بنبوَّته وما يدخل في لوازم رسالته.

فمن ذلك امتثالهم لأمره سبحانه بالصلاة عليه والتسليم قال تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب]. وما أمر به سبحانه من تعزيره وتوقيره قال تعالى: ﴿وتُوَقِّرُوهُ وتُسَبِّحُوهُ﴾ [الفتح: ٩].

فتعزيره يكون بنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه .

وتوقيره: يكون بإجلاله وإكرامه وأن يعامل بالتشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار (١).

ويدخل في ذلك مخاطبته بما يليق قال تعالى: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣].

وحرمة التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، وحرمة رفع الصوت


(١) الصارم المسلول (ص ٤٢٢).

<<  <   >  >>