قال تعالى ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ وعَلَيْنا الحِسابُ﴾ [الرعد].
وقال تعالى ﴿فَذَكِّرْ إنَّما أنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إلَّا مَنْ تَوَلّى وكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ العَذابَ الأكْبَر إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ﴾ [الغاشية]، وقال تعالى ﴿وأطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإنَّما عَلى رَسُولِنا البَلاغُ المُبِينُ﴾ ثم قال ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هُوَ وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ [التغابن] فأمر بطاعته وطاعة رسوله لأن طاعته طاعة لله.
وأمرهم بالتوكل عليه وحده، وطاعة الرسول هي عبادة لله وحده والأمر والمعنى المتقدم من أن الرسول ليس عليه إلا ما أمر به من البلاغ والبيان والجهاد وليس عليه جزاء العباد ولا حسابهم ولا هدايتهم قد كرر في القرآن في مواضع. والحق الذي لله وللرسول باق بعد موت الرسول، وكذلك ما كان من حقوقه التي يمكن بقاؤها كالصلاة عليه والتسليم والتعزر والتوقير والمحبة وغيرها فهي لم تنقص بعد موته بل توكدت وقويت، بل حقوقه عليها بعد موته أكمل منها في حياته.
فمن ذلك أن من تنقَّصه في حياته أو سبَّه فإنه كان له ﷺ يعفو عن حقه.
فأما بعد موته فليس لأحد أن يعفو عن حقه ولا يسقط وكذلك في مغيبه. فعلينا أن نقوم بحقوقه الواجبة علينا في حال مماته ومغيبه أكثر مما علينا أن نقوم بها في محياه وحضوره.
وتلك الحقوق علينا له، وإذا فعلناها كانت عبادة منا لله، أجرنا فيها على الله وهي مما يزيده الله بها من فضله من جهة امتثالنا لما أمرنا به، وهو داعينا، وكلما أطعنا كان له مثل أجورنا، ومن جهة ما يصل إليه من الرحمة باستجابة الله دعاء الأمة، مع ما يزيده الله إياه من فضله. وهذه الحقوق الثابتة بعد موته هي تبع لرسالته فإنه هو السفير والواسطة