للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما قُلْتُ لَهُمْ إلَّا ما أمَرْتَنِي بِهِ أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ﴾ [المائدة].

فقد أخبر أنه لم يقل لهم إلا ما أمره الله به أن يعبدوا الله وحده وكذلك سائر الانبياء قال الله تعالى ﴿وما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أنَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنا فاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء].

وهو سبحانه إنما يعبد بما شرع من الدين، لا يعبد بما شرع من الدين بغير إذنه فإن ذلك شرك قال الله تعالى ﴿أمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١].

وقال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وصّى بِهِ نُوحًا والَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ وما وصَّيْنا بِهِ إبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى أنْ أقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلى المُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ﴾ [الشورى: ١٣] والدين الذي شرعه إما واجب أو مستحب فكل من عبد عبادة ليست واجبة في شرع الرسول ولا مستحبة كانت من الشرك والبدع، وكلما تدبر الإنسان ما أمر به وشرعه تبين له أنه جمع في شرعه بين كمال توحيد الرب وإخلاص العبادة له.

وبيَّن كمال طاعة الرسل وتعزيرهم ومحبتهم وموالاتهم ومتابعتهم فأسعد الناس في الدنيا والآخرة أتبعهم للرسول باطنا وظاهرًا تسليما (١).

فهذا هو صراط الله المستقيم قال تعالى ﴿وأنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام].

ولما أمرنا الله أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين. كان ذلك مما لحين أن العبد يخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطريقين (٢). والمغضوب عليهم هم


(١) الرد على الأخنائي (٣٣٣ - ٣٨٨) بتصرف.
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ٦٥).

<<  <   >  >>