للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيمن نصب "نعله"، فإن ما قبلها في تأويل ألقى ما يثقله، أو شبيها بالبعض؛ كقولك: "أعجبتني الجاريةُ حتى كلامُها"، ويمتنع "حتى ولدُها"١ وضابط ذلك أنه إن حسن الاستثناء حسن دخول حتى٢.

والرابع: كونه غاية في زيادة حسية؛ نحو: "فلان يهب الأعدادَ الكثيرةَ حتى الألوفَ" أو معنوية؛ نحو: "مات الناسُ حتى الأنبياءُ، أو الملوكُ"، أو في نقص كذلك؛ نحو" المؤمن يجزى بالحسناتِ حتى مثقالِ الذرةِ"، ونحو: "غلبك الناس حتى الصبيان، أو النساء"٣.

[أم المتصلة ومعناها] :

وأما "أم" فضربان: منقطعة وستأتي، ومتصلة: وهي المسبوقة إما بهمزة


= المذكور -كما بينا في الإعراب- وهذا على رواية النصب؛ وعلى روايتي الرفع والجر، أوضحنا تخريجهما بما لا يستلزم الإعادة؛ والذي يهمنا -هنا- ما الذي سوغ العطف بـ"حتى" على رواية النصب؟ والجواب هو: لما كان النعل بعض ما يثقله، ويضعف حركته في الهرب؛ كان من ضمن ما يثقله؛ لأنه يشترط بالعطف بـ"حتى" أن يكون المعطوف بعض المعطوف عليه.
١ لأن الولد ليس جزءا منها ولا شبيها بالجزء؛ بخلاف كلامها، فإنه لشدة اتصاله بها؛ صار كجزئها.
٢ المراد: الاستثناء المتصل؛ لأن شرط الاستثناء المتصل؛ أن يتناول ما قبل أداته ما بعدها نصا.
٣ إذا لم يكن ما بعد "حتى" من جنس ما قبلها -إما تحقيقا وإما تأويلا وإما تشبيها- أو كان ما بعدها من جنس ما قبلها على أحد الوجوه الثلاثة؛ ولكنه لم يكن غاية لما قبلها، أو كان ما بعدها غاية وطرفا لما قبلها؛ لكنه ليس دالا على زيادة، أو نقص حسيين، أو معنويين؛ فإنه لا يجوز أن تجعلها عاطفة، ويتفرع على هذا، أنك لو قلت: صادقت العرب حتى "العجم"؛ لم يصح؛ لأن العجم ليس من جنس العرب؛ ولو قلت: "خرج الفرسان إلى القتال حتى بنو فلان"، وكان بنو فلان هؤلاء في وسط الفرسان؛ لم يصح؛ لأن ما بعد حتى -حينئذ- ليس غاية لما قبلها؛ إذ الغاية، ليست إلا في الأطراف -عاليها وسافلها- ولو قلت: "زارني القوم حتى زيد"، ولم يكن زيد متميزا بفضل، أو منفردا بخسيسة؛ لم يصح؛ لأن ما بعد حتى -حينئذ- ليس ذا زيادة ولا نقص.
انظر التصريح: ٢/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>