٢ الشيخ رحمه الله يُعرّف هنا المعجزة، أو آية النبيّ اصطلاحاً. ٣ يُريد شيخ الإسلام رحمه الله أن يذكر الفرق بين المعجزات والكرامات. وقد سبق صنيعه هذا مراراً فيما مضى. انظر ص ٦٠٤، ٧٢٤ من هذا الكتاب. والأشاعرة لا يُفرّقون بين المعجزة والكرامة إلا بالتحدّي، ويجعلون كلّ ما خُرق للنبيّ لا يمتنع أن يكون للولي. يقول الجويني: "صار بعض أصحابنا إلى أنّ ما وقع معجزة لنبيّ لا يجوز وقوعه كرامة لوليّ؛ فيمتنع عند هؤلاء أن ينفلق البحر، وتنقلب العصا ثعباناً، ويحيي الموتى كرامة لولي، إلى غير ذلك من آيات الأنبياء. وهذه الطريقة غير سديدة أيضاً. والمرضي عندنا: تجويز جملة خوارق العوائد في معارض الكرامات". الإرشاد للجويني ص ٣١٧. وقال أيضاً: "فإن قيل: ما دليلكم على تجويزها؟ قلنا: ما من أمر يخرق العوائد، إلا وهو مقدور للربّ تعالى ابتداءً، ولا يمتنع وقوع شيء لتقبيح عقل، لما مهّدناه فيما سبق، وليس في وقوع الكرامة ما يقدح في المعجزة؛ فإنّ المعجزة لا تدلّ لعينها، وإنّما تدلّ لتعلّقها بدعوى النبيّ الرسالة، ونزولها منزلة التصديق بالقول.....". ثمّ قال: "فإن قيل: فما الفرق بين الكرامة والمعجزة؟ قلنا: لا يفترقان في جواز العقل، إلا بوقوع المعجزة على حسب دعوى النبوة". الإرشاد للجويني ص ٣١٧-٣١٨. وقال الباقلاني: "ولذلك أيضاً أجزنا فعل أمثالها [أي المعجزات] ، وما هو من جنس كثير منها، على أيدي الأولياء والصالحين، على وجه الكرامة لهم". البيان للباقلاني ص ٤٨. والفرق عنده: أنّ المعجزة لا تكون، حتى يُتحدّى بها. وهذه أيضاً فروق ضعيفة بين المعجزة والكرامة. وقد انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وأوضح القول الحقّ في هذا الموضوع من هذا الكتاب.