للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستمرة تستخرج الفضة الخالصة بها.

قال: والروم شديد البرد، لا يوصف شتاءوه إلا أن سكانه تستعد له قبل دخوله، وتحصل ما تحتاج إليه، وتدخره في بيوتها، وتستكثر من القديد والأدهان والخمور، فتأكل طول مدة الشتاء تلك الأيام بهنية العيش عندهم ولا تخرج من بيوتها، ولو أرادت ذلك لما قدرت حتى تذوب الثلوج، فتخرج إلى معايشها.

وذكر هذا الشيخ حيدر العريان أن جملة ممالك الأتراك بالروم أحد عشر مملكة غير ما بيد بيت جنكيز خان، وهذا هو خلاف ما تبين على ما سنذكره نقلا عن يليان الجنوبي ويليان أدرى.

فأما ما عده العريان من ممالك الأتراك فهو مملكة انطاليا [١] ، وصاحبها خضر بن دندار [٢] ، وقال: أن لصاحبها مدينة افنيكا [٣] ، وأميرها الذي هو بها الآن من قبله، وهو من أولاد منتشا، وقال: إن عدة عسكره نحو أربعين ألف فارس.

قلت: ولهؤلاء بني دندار إلى ملوك مصر انتماء، ولهم من (المخطوط ص ١٥٦) تحف سلاطينها نعما، وكان بمصر منهم من له إمرة فيها، ثم عاد إلى بلاده بعد مهلك تمرتاش بن جوبان [٤] لأنه كان قد ترك بلاده لأجله، وفر هاربا من يده لعداوة كانت قد اضطرمت بينهما شرورها، واضطربت أمورها، فلما خلت من مجاورة


[١] انطاليا هي أنطاليه وهي من بلاد الروم من أحسن المدن، متناهية في اتساع المساحة والضخامة، أجمل ما يرى من البلاد، وأكثر عمارة وأحسنه ترتيبا، فيها البساتين والفواكه وعيون الماء وهي غير أنطاكية (رحلة ابن بطوطة ١٨٩- ١٩٠) .
[٢] خضر بن دندار: هو خضر بك بن يونس بك (رحلة ابن بطوطة ١٩١) ، حكم من سنة ٧٢٨ هـ- ٧٧٦ هـ (انظر: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ٢٢٩) .
[٣] أفنيكا هي مدينة الفنيكة على ساحل الخليج القسطنطيني وهي صغيرة لكنها حسنة مانعة، وكنائسها وديارها حسان والأنهار تخترقها والبساتين تحف بها (رحلة ابن بطوطة ٢٣١) وهي فنكة (معجم الأنساب والأسرات الحاكمة، زامباور أخرجه زكي محمد حسن وآخرون، القاهرة: ١٩٥١ ص ٢٣٠) .
[٤] هو دمرطاش بن جوبان: فر إلى مصر، فأكرمه ملكها الناصر، وأعطاه الإسكندرية، فأبى من قبولها وقال: إنما أريد العساكر لأقاتل أبا سعيد وأظهر أمورا أوجبت قتله (رحلة ابن بطوطة ١٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>