للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعا لإيهام كونه نعتا في مقام الاحتمال، إذ لو قلت: "درهم عندي"، و"وطر لي"، و"رجل قصدك غلامه"؛ احتمل أن يكون التابع خبرا للمبتدأ وأن يكون نعتا له؛ لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر، ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها. نحو: {وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ} ١ و"كَذَا" يلتزم تقدم الخبر "إذَا عَادَ عَلَيْهِ مُضْمَرُ مِمَّا" أي: من المبتدأ الذي "بِهِ" أي: بالخبر "عَنْهُ" أي: عن ذلك المبتدأ "مُبِينا يُخْبَرُ". والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ، نحو: "على التمرة مثلها زبدا" وقوله "من الطويل":

١٥٦-

أَهَابُكِ إجْلاَلا وَمَا بِكِ قُدْرَةٌ ... عَلَيَّ ولكِنْ مِلءُ عَيْنٍ حَبِيبُهَا

فلا يجوز "مثلها زبدا على التمرة"، ولا "حبيبها ملء عين"، لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

وقد عرفت أن قوله: "عاد عليه" هو على حذف مضاف، أي: عاد على ملابسه.

و"كَذَا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يَسْتَوْجِبُ الْتَصْدِيرَا" بأن يكون اسم استفهام، أو مضافا


١ الأنعام: ٢.
١٥٦- التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص٥٨؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص٦٨؛ وتخليص الشواهد ص٢٠١؛ وسمط اللآلي ص٤٠١؛ وشرح التصريح ١/ ١٧٦؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٧؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص١٢٣؛ وشرح عمدة الحافظ ص١٧٣.
شرح المفردات: أهابك: أخافك. إجلالا: إعظاما.
المعنى: يقول مخاطبا حبيبته: إنني أشعر بالخوف أمامك لأنني أعظمك، وليست لك القدرة علي ولكنك حبيبة ملء العين، تسيطرين علي بحبك وعاطفتك.
الإعراب: "أهابك": فعل مضارع مرفوع، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنا". "إجلالا": مفعول لأجله منصوب. "وما": الواو حالية، و"ما": حرف نفي. "بك": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "قدرة": مبتدأ مؤخر مرفوع. "علي": جار ومجرور متعلقان بـ"قدرة". أو بمحذوف نعت لـ"قدرة". "ولكن": "الواو": استئنافية، "لكن": حرف استدراك. "ملء": خبر مقدم للمبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "عين": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "حبيبها": مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
وجملة: "أهابك ... " ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وما بك قدرة" في محل نصب حال. وجملة "لكن ملء عين حبيبها" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "ملء عين حبيبها" حيث تقدم الخبر وجوبا لاتصال المبتدأ بضمير يعود على جزء من الخبر، وهو قوله: "عين".

<<  <  ج: ص:  >  >>