للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكايةُ محتملة الصحة بشرط أن يكون موتُ السَّرِيّ بالشَّام، ولم يُنْقَل ذلك كيف، وهو أنَّ هذه القَصِيدَة من أوَّلِ شِعْر أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي في سَيْف الدَّوْلَة واللهُ أعلَمُ.

أخْبَرَنا ياقُوت بن عبد الله الحَمَوِيّ، قال: وحدَّثَ أبو العبَّاس أحمد بن إبراهيم الضَّبِّيُّ أنَّ الصَّاحب إسماعيل بن عبَّاد قال بأصبهان، وهو يومئذٍ على الإنشاءِ: بلغني أنَّ هذا الرَّجُلَ -يعني المُتَنَبِّي- قد نزل بأرَّجَانَ مُتَوجِّهًا إلى ابن العميد، ولكن إن جاءني خرجتُ إليه من جميع ما أملكُه، وكان جميعُ ما يملكه لا يبلغ ثلاثمائة دينارٍ، فكنا نَعْجَبُ من بُعْدِ همَّتِهِ وسُمُوِّ نفسه، وبلغ ذلك المُتَنَبِّي، فلم يُعَرِّج عليه، ولا التفت إليه، فحقَدها الصَّاحبُ حتى حمله على إظهار عُيُوبه في كتابٍ ألَّفَهُ (١)، لم يصنع فيه شيئًا، لأنَّه أخذ عليه مواضع تَحَمَّل فيها عليه.

أخْبَرَني بعضُ أهلِ الأدَب، قال: وجَدتُ في كتاب بَعْض الفُضَلَاء عن أبي القَاسِم عبد الصَّمد بن بَابَك، قال: قال أبو الفتح بن جِنِّي: كنتُ أقرأُ ديوان أبي الطيب عليه، فقرأتُ قوْلَهُ في كافور (٢): [من الطويل]

أُغَالِبُ فيكَ الشَّوْقَ، والشَّوْقُ أغْلَبُ … وأعجَبُ مِن ذَا الهَجْر، والوَصْل أعْجَبُ

حتَّى بلَغْتُ إلى قوله (٣):

ألَا لَيْتَ شِعْري هَل أَقُولُ قَصِيْدَةً … فلا أَشْتَكِي فيها ولا أتَعَتَّبُ

وبي ما يَذُودُ الشِّعْرَ عَنِّي أَقَلُّهُ .... ولكنَّ قَلْبي يا ابنَةَ القَوْم قُلَّبُ

فقُلتُ لهُ: يَعزُّ عليَّ! كيف يكونُ هذا الشِّعْرُ في مَمْدُوح غيرِ سَيْفِ الدَّوْلَة؟


= كتابه هذا، وذكره بعنوانه أحيانًا، وسماه في أحيان أخرى: تاريخ أبي إسحاق السقطي. وانظر: حاجي خليفة: کشف الظنون ٢: ١٥٦٨، هدية العارفين ١: ٧.
(١) هو كتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي، لابن عبَّاد؛ مطبوع متداول.
(٢) ديوانه بشرح العكبري ١: ١٧٦.
(٣) ديوانه بشرح العكبري ١: ١٨١، وتاريخ الإسلام ٨: ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>