الأرواح أمر من أمره تعالى أخفى الله حقيقتها وعلمها عن الخلق، واحتجوا بقوله تعالى:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وقال بعضهم الأرواح نور من نور الله تعالى، وحياة من حياته، واحتجوا بقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: إن الله خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم نورًا من نوره، ثم اختلفوا في الأرواح هل تموت بموت الأبدان والأنفس أو لا تموت؟ فقالت طائفة: الأرواح لا تموت، ولا تبلى واحتجوا بقوله عليه السلام: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر.
وقال بعضهم: الأرواح تموت، ولا تبلى وتبلى الأبدان، واحتجوا بحديث الصور، وقالت جماعة: الأرواح على صور الخلق لها أيد وأرجل وأعين وسمع، وقال بعضهم: الأرواح تعذب كما تعذب الأجسام، واحتجوا بقوله تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} وقالت طائفة: تعذب الأرواح والأبدان جميعًا، وكذلك تنعم، وقالت طائفة: تبعث الأرواح؟ لأنها من حكم السماء، ولا تبعث الأبدان لأنها من حكم الأرض، وهذا كلام مستحيل، وقال بعضهم: تبعث الأرواح ويخلق الله لها أجساماً من الجنة، وهو مثل الذي قبله، وقالت طائفة: للمؤمن ثلاثة أرواح، وللكافر والمنافق روح واحدة، وقال بعضهم: للصديقين خمسة أرواح، وقال بعضهم: الروح روحانية خلقت من الملكوت، فإذا صفَّت رجعت إلى الملكوت، وقال بعضهم: الروح روحان روح اللاهوتية، وروح الناسوتية، وقال بعضهم: الأرواح نورية وروحانية ملكوتية إذا كانت صافية، وقال بعضهم: الروح لاهوتية، والنفس أرضية طينية نارية، وقال بعضهم: الأرواح تتناسخ، وتنتقل من جسم إلى جسم، وهذا شر الأقاويل وأبعدها من الأثر، وقالت طائفة: وهم أهل الأثر: الروح غير النفس، وقوام النفس بالروح، ولا عدو أعدى لابن آدم من نفسه، لأنها لا تريد إلا الدنيا، والروح عكسها، وقد جعل الهوى والشيطان تبعا للنفس،