للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أثرهم فعادوا، فأَخَذَ منهم ما يُقابِل الزكاةَ مضاعَفًا (١).

قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ أَيُّ الأَصْنَافِ مِنَ النَّاسِ تجِبُ عَلَيْهِمْ؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا تجِبُ بثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ: الذُّكورِيَّةِ، وَالبُلُوغِ، وَالحُرِّيَّةِ) (٢).

فالجزية إذن تجب بشروطٍ ثلاثة:

- الذكورية: فالذي تجب عليه ينبغي أن يكون ذَكَرًا، والذَّكَر تَخْرُجُ به المرأة؛ لأن الذَّكَر قادرٌ على العمل.

- والبلوغ: وأن يكون بالغًا؛ لأن الصغير أيضًا في الغالب غير قادرٍ على العمل، ولأن الصغير غيرُ مُكلَّفٍ، فسَقَطَ عنه الحكمُ من هذا الوجه.

- والحرية: وأن يكون حُرًّا؛ لأن العبد لا مال له، واختلاف العلماء في أن العبد يَملِك أو لا يَملِك معلومٌ، والصحيح فيه أنه لا يَملِك وأنَّ مَا مَلَكَهُ لِسَيِّده، وعلى القول بأنه لا تجب عليه الجزية فهل تجب على سيده؟ سيأتي بيان هذا.

فهؤلاء الأصناف الثلاثة - ومعهم أيضًا المجنون - مُجمَعٌ على عدم وجوب الجزية عليهم.


(١) أخرجه ابن زنجويه في كتاب "الأموال" (١/ ١٣٠) عن السفاح الشيباني: "أن عمر بن الخطاب أراد أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية، فهربوا حتى لحقوا بأرض من الأرضين، فقال له زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة التغلبي: أنشدك الله يا أمير المؤمنين في بني تغلب، هم والله العرب، يأنفون من الجزية، وهم قوم شديدة نكايتهم، فلا تعن عدوك بهم، وهم قوم ليست لهم - أظنه قال - أموال وإنما هم أصحاب ماشية فضع عليهم الصدقة، فأرسل إليهم فرجعوا فضعَّف عليهم الصدقة. قال: وقال ابن شبرمة عن السفاح، واشترط عليهم ألا ينصروا أولادهم".
(٢) يُنظر: "الإقناع"، لابن القطان (١/ ٣٥٥)؛ حيث قال: "أجمع المسلمون أن الجزية لا تجب على النساء، ولا على الصبيان، ولا على العبيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>