للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالَاتِ، وَالْحَاجَاتِ، وَالْأَشْخَاصِ، وَالْأَمْكِنَةِ، وَالْأَزْمِنَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: هُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ).

ذكرنا فيما سبق أنه ليس القصد بالفقير هو الذي لا يجد شيئًا مطلقًا، كما يعرفه البعض، فقد قال بعضهم: الفقير هو الذي لا يجد شيئًا، أو لا مالَ له، فلفظة (لا) هنا نافية للجنس. وبعضهم يقول: الفقير هو من لا كَسْبَ له. وقال آخرون: الفقير هو الذي لا يجد موقِعًا لكفايته، ولا يكفيه ما معه، وأن المسكين: هو الذي يجد موقعًا من كفايته، لكن لا يكفي أيضًا، فالمسكين على هذا القول أحسن حالًا من الفقير (١).

وقد اختلف العلماء في الفرق بين الفقير والمسكين:

فبعضهم قال: إذا كان الفقير يحتاج في مصروفه المتوسط -دون سرفٍ ولا تبذير- إلى عشرة ريالاتٍ مثلًا، ولا يجد إلا ريالين أو ثلاثة، فهذا نسميه فقيرًا، وإن وجد خمسة أو ستة أو سبعة، فهذا نسميه مسكينًا. فالمسكين أحسن حالًا، عند من يرى أن الفقير أشدُّ فقرًا من المسكين. وقد عكس بعض العلماء ذلك، وضرب لذلك أمثلة.

* قوله: (وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، فِي حَدِيث الْغِنَى (٢) الَّذِي يَمْنَعُ الصَّدَقَةَ).

هذا الحديث جاء في قصة الرجل الذي كان يمنع الصدقة (٣)، فلما سُئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الغِنى، قال: "خمسين درهمًا". وهذا في قصة الرجل الذي يَسأل.


(١) تقدم الفرق بينهما وانظر: "الفروق اللغوية"، للعسكري (ص: ١٧٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) هذا وهم من الشارح -عفا اللَّه عنه- ولا أدري هل هو منه -وهو الظاهر؛ فتتمة الكلام يؤكد ذلك- أو من الناسخ؟ فليحرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>