للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إِمَّا مُعَارَضَةُ أَثَرٍ لِأَثَرٍ).

لا يقصد بالأثر هنا الحديث وإنما هو: ما يوقف به على أقوال الصحابة، أمَّا ما يرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الحديث، وليس خطأً لغةً أن يُسمَّى قول الصاحبة أثرًا.

قوله: (وَإِمَّا مُعَارَضَةُ الأَثَرِ لِلْعَمَلِ عِنْدَ مَنْ رَاعَى العَمَلَ، أَعْنِي: عَمَلَ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَحَيْثُ وَرَدَ النَّهْيُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُعَارِضٌ لَا مِنْ قَوْلٍ وَلَا مِنْ عَمَلٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَحَيثُ وَرَدَ المُعَارِضُ اخْتَلَفُوا).

الذين خالفوا في وقت الزوال هم المالكية، أما الشافعية فخلافهم في يوم الجمعة للحديث الذي ورد وهو ضعيف (١)، وأثر عمر الذي أشرنا إليه، ويعرف بحديث الطنفسة، الذي رواه مالك في موطئه (٢)، وهو حديث صحيح، و"الطنفسة": هو بساط رقيق يوضع عند الجدار، فإذا غشيه الظل خرج عمر، وخطب الناس، وجلس على المنبر وأذن المؤذِّن بعد صعوده.

فالأذان كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وعمر أذان واحد يوم الجمعة بعد أن يجلس الإمام على المنبر، وفي خلافة عثمان زاد النداء الثاني، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي؛ عضوا عليها بالنواجذ" (٣)، وعندما زاد عثمان ذلك زاده للحاجة، إذ المدينة قد اتسعت وامتدت أطرافها وتنوعت الأعمال فيها؛ فاحتاج الناس إلى أن يُنبَّهوا إلى وقت الصلاة بوقت يعطيهم الفرصة؛ ليذهبوا للاغتسال، وذلك كما ورد في حديث عائشة: "كان الناس يعملون


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤٢)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>