فيك، وعملنا لك؟ فيقول الله تعالى: له فضل عمل بما صنع في ماله، فيقول: يا ربّ، لقد علمت لو أعطيتني مالا لصنعت مثل ما صنع، فيقول:
صدق، فارفعوه إلى منزلة صاحبه.
ويؤتى بمريض وصحيح اصطحبا في الله، فيرفع الصّحيح بفضل عمله، فيقول المريض: لم رفعته عليّ؟ فيقول: بما كان يعمل في صحته. فيقول:
يا ربّ، لقد علمت لو أصححتني لعملت كما عمل، فيقول الله: صدق فارفعوه إلى درجة صاحبه. ويؤتى بحرّ ومملوك اصطحبا فيقول مثل ذلك.
ويؤتى بحسن الخلق وسيّئ الخلق، فيقول: يا ربّ، لم رفعته عليّ، وإنّما اصطحبنا فيك وعملنا؟ فيقول: بحسن خلقه، فلا يجد له جوابا.
العاقل يغبط من أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علوّ الدّرجات، والجاهل يغبط من أنفق ماله في الشّهوات وتوصّل به إلى اللّذّات المحرّمات. قال الله تعالى حاكيا عن قارون: {فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ} [القصص: ٧٩ - ٨٠]. إلى قوله تعالى:{تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣].
فلمّا رأى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تأسّف أصحابه الفقراء وحزنهم على ما فاتهم من إنفاق إخوانهم الأغنياء أموالهم في سبيل الله تقرّبا إليه وابتغاء لمرضاته، طيّب قلوبهم ودلّهم على عمل يسير يدركون به من سبقهم ولا يلحقهم معه أحد بعدهم، ويكونون به خيرا ممّن هم معه إلاّ من عمل مثل عملهم، وهو الذّكر عقيب الصّلوات المفروضات، وقد اختلفت الروايات في أنواعه وعدده. والأخذ بكلّ ما ورد من ذلك حسن وله فضل عظيم.