لاَ يَحْرُمُ بِالاِتِّفَاقِ، فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ أَنْ يَتَحَدَّى صَنْعَةَ الْخَالِقِ عَزَّ وَجَل وَيَفْتَرِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَخْلُقُ مِثْل خَلْقِهِ.
٢١ - وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ الْمُصَوِّرِينَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ (١) قَالُوا: لَوْ حُمِل عَلَى التَّصْوِيرِ الْمُعْتَادِ لَكَانَ ذَلِكَ مُشْكِلاً عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ. فَإِِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً كَسَائِرِ الْمَعَاصِي لَيْسَ أَعْظَمَ مِنَ الشِّرْكِ وَقَتْل النَّفْسِ وَالزِّنَا، فَكَيْفَ يَكُونُ فَاعِلُهُ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا، فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ صَنَعَ التَّمَاثِيل لِتُعْبَدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
- وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا يَأْتِي مِنَ اسْتِعْمَال الصُّوَرِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُيُوتِ أَصْحَابِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ تَعَامُلُهُمْ بِالدَّنَانِيرِ الرُّومِيَّةِ وَالدَّرَاهِمِ الْفَارِسِيَّةِ دُونَ نَكِيرٍ، وَبِالأَْحْوَال الْفَرْدِيَّةِ لِلاِسْتِعْمَال الْوَاقِعِ مِنْهُمْ مِمَّا يَرِدُ ذِكْرُهُ فِي تَضَاعِيفِ هَذَا الْبَحْثِ، دُونَ تَأْوِيلٍ.
وَقَدْ نَقَل الأَْلُوسِيُّ هَذَا الْقَوْل فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ تَفْسِيرِ الآْيَةِ " ١٣ " مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ، حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ النَّحَّاسَ وَمَكِّيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ الْفَرَسِ
(١) حديث: " إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٣٨٢ - ط السلفية) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute