قوله: وقد نسي من القرآن، وهي المعوذتان، قلت: ما يدري أبا بكر أن ابن مسعود نسي المعوذتين، والمعروف عن ابن مسعود أنه كان يحفظهما ويحكها عن المصاحف، ويقول: إنما أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتعوذ بهما، وهذا أمر يرجع إلى التوقيف في الكتابة، وهذا كما روي عنه إسقاط الفاتحة من مصحفه بإسناد صحيح، وكأن يقرأ بها في الصلوات كلها، وهذا أفضل أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو بكر رضي الله عنه، وكان على هذا الظن في كتابة القرآن جملة واحدة، حتى راجعه عمر في ذلك، وهذا كاتب الوحي زيد بن ثابت لما قيل له في كتابة القرآن جملة واحدة، ثقل عليه كثقل الجبل، فلو قيل: كان ابن مسعود في كتابة المعوذتين والفاتحة على هذا الرأي الذي كان عليه الصديق، وكاتب الوحي في كتابة القرآن جملة واحدة، فأيّ ضرر على ابن مسعود في ذلك؟ مع أن في ثبوت هذا عنه أيضاً نظراً، قد قال ابن حزم في الحلى ص ١٣ - ج ١: كل ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين، وأم القرآن. لم يكونا في مصحفه، فكذب موضوع لا يصح، وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن جيش عن ابن مسعود فيها أم القرآن، والمعوذتان، وقال السيوطي في الاتقان ص ٧٩: قال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئاً كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل، ليس بصحيح، لوقوع سمع أبي بكر بن إسحاق حديث عبد الله بن عمرو عند الشيخين، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود" فبدأ به، اهـ. وحديث أبي بكر رضي الله عنه، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سره أن يقرأ القرآن غضاً فليقرأ على قراءة ابن أم عبد"، أحمد: ص ٧، والطيالسي: ص ٤٤، وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "من أحب أن يقرأ القرآن غريضاً، كما أنزل: فليقرأ قراءة ابن أم عبد"، أحمد،: ص ٤٤٦ - ج ٢، وحديث عمرو بن الحارث قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أحب أن يقرأ القرآن غضاً، فليقرأ على قراءة ابن أم عبد"، أحمد: ص ٢٢٧٩ - ج ٤، وحديث ابن عباس، قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعرض القرآن كل سنة على جبريل، فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه عرضتين، فكانت قراءة ابن مسعود آخرهن مستدرك ص ٢٣٠ - ج ٢، وقال: صحيح، وحديث أبي ظبيان، قال: قال ابن عباس: أي قراءة تقرأ؟ قلت: القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد، فقال: هي القراءة الآخرة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرض عليه القرآن في كل عام، قال: أراه في كل شهر رمضان، فلما كان العام الذي مات فيه عرضه عليه مرتين، فشهد عبد الله ما نسخ وبدل، الطحاوي: ص ٢٠٩، وأحمد: ص ٢٦٢، وغيرهما من الأحاديث الصحيحة التي ذكرها =