للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَامِرٍ الثعلبي عن بلال عن أَبِي مُوسَى، وَيُقَالُ: ابْنُ مِرْدَاسٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَسَدَّدَهُ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ: " مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ، وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " مَنْ ابْتَغَى الْقَضَاءَ، وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ إسْرَائِيلَ، انْتَهَى. وَبِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَذَهِلَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ ابْنِ مَاجَهْ، فَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ فَقَطْ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَامِرٍ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: وَخَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَبِلَالُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيُّ مَجْهُولُ الْحَالِ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ ضَعِيفٌ، قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ التِّرْمِذِيِّ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ إسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ: إنَّهَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إسْرَائِيلَ١ قَالَ: وَإِسْرَائِيلُ أَحَدُ الْحُفَّاظِ، وَلَوْلَا ضَعْفُ عَبْدِ الْأَعْلَى كَانَ هَذَا الطَّرِيقُ خَيْرًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ الَّذِي فِيهِ خَيْثَمَةُ، وَبِلَالٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم تَقَلَّدُوا الْقَضَاءَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَقُّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، وَالتَّابِعُونَ تَقَلَّدُوا الْقَضَاءَ مِنْ الْحَجَّاجِ وَكَانَ جَائِرًا، قُلْت: تَوَلَّى أَبُو الدَّرْدَاءِ الْقَضَاءَ بِالشَّامِ وَبِهَا مَاتَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ اسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يُوَلِّي بَعْدَهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَوَلَّاهُ الشَّامَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إنَّ الْحَقَّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ، وَقَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ الْإِرْشَادِ: وَعَلِيٌّ رضي الله عنه كَانَ إمَامًا حَقًّا فِي وِلَايَتِهِ، وَمُقَاتِلُوهُ بُغَاةٌ، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ قَصْدُ الْخَيْرِ، وَإِنْ أخطأوه، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ، وَهُمْ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَائِشَةُ، وَمَنْ مَعَهُمْ، وَأَهْلُ صِفِّينَ، وَهُمْ مُعَاوِيَةُ، وَعَسْكَرُهُ، وَقَدْ أَظْهَرَتْ عَائِشَةُ النَّدَمَ،


١ قال ابن الهمام في الفتح ص ٤٦٠ ج ٥: وأصح من الكل حديث البخاري، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة، وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها"، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>