ولعل السباع اشتغلت عنه وشبعت من الجمل والسبع إذا شبع لا يفترس.
ولقد كان أبو تراب النخشبي من كبار القوم فلقيته السباع البرية فنهشته فمات.
ثم لا ينكر أن يكون الله تعالى لطف به ونجاه بحسن ظنه فيه غير أنا نبين خطأ فعله للعامي الذي إذا سمع هذه الحكاية ظن أنها عزيمة عظيمة ويقين قوي وربما فضل حالته على حالة موسى ﵇ إذ هرب من الحية.
وعلى حالة نبينا ﷺ إذ مر بجدار مائل فهرول.
وعلى لبسه ﷺ الدرع في غزواته كلها وقت الحرب حتى قال ﵊ في غزوة الخندق:«ليس لنبي أن يلبس لامة حربه ثم ينزعها من غير قتال» وعلى حالة أبي بكر ﵁ إن سد خروق الغار اتقاء ذي الحيات.
وهيهات أن تعلو مرتبة هذا المخالف للشرع على مرتبة النبيين والصديقين بما يخايل له ظنه الفاسد من أن هذا الفعل هو التوكل.
وقد أخبرنا عنه أبو منصور القزاز نا أبو بكر الخطيب نا إسماعيل بن أحمد الجبري ثنا محمد بن الحسين السلمي قال سمعت محمد بن الحسين البغدادي يقول: سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني قال سمعت مؤملا المغابي يقول: كنت أصحب محمد بن السمين فسافرت معه ما بين تكريت والموصل فبينا نحن في برية نسير إذ زأر السبع من قريب منا فجزعت وتغيرت وظهر ذلك على وجهي وهممت أن أبادر فأفر فضبطني وقال يا مؤمل التوكل ههنا ليس في المسجد الجامع.
قال المصنف ﵀: قلت، لا شك في أن التوكل يظهر أثره في المتوكل عند الشدائد.
ولكن ليس من شروطه الاستسلام للسبع فإنه لا يجوز.
أخبرنا عمر بن ظفر نا ابن السراج نا عبد العزيز بن علي الأزجي نا ابن جهضم ثنا إبراهيم بن أحمد بن علي العطار.
قال له الخواص: حدثني بعض المشايخ أنه قيل لعلي الرازي: ما لنا لا نراك مع أبي طالب الجرجاني؟ قال: خرجنا في سياحة فنمنا في موضع فيه سباع فلما نظر إلي رآني لم أنم طردني.