للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم طائفة: تشكر على النّعم، فإذا جاء البلاء اعترض وكفر.

ومنهم من يقول: أيّ حكمة في هدم هذه الأجسام؟ يعذّبها بالفناء بعد بنائها؟

ومنهم: من يستبعد البعث.

ومن هؤلاء: من يختلّ عليه مقصوده، أو يبتلى ببلاء، فيكفر ويقول: أنا ما أريد أصلّي.

وربّما غلب فاجر نصرانيّ مؤمنا فقتله، أو ضربه، فيقول العوامّ: قد غلب الصّليب، ولماذا نصلّي إذا كان الأمر كذلك؟ وكلّ هذه الآفات تمكّن بها منهم إبليس؛ لبعدهم عن العلم والعلماء، فلو أنّهم استفهموا أهل العلم والعلماء.

فلو أنّهم استفهموا أهل العلم لأخبروهم أنّ الله ﷿ حكيم ومالك، فلا يبقى مع هذا اعتراض.

ومن العوامّ من يرضى عن عقل نفسه، فلا يبالي بمخالفة العلماء، فمتى خالفت فتواه غرضه، أخذ يردّ عليهم، ويقدح فيهم.

وقد كان ابن عقيل يقول: قد عشت هذه السّنين، فلو أدخلت يدي في صنعة صانع لقال: أفسدتها عليّ. فلو قلت: أنا رجل عالم. لقال: بارك الله لك في علمك، ليس هذا من شغلك، هذا وشغله أمر حسّيّ لو تعاطيته فهمته، والّذي أنا فيه من الأمور أمر عقليّ، فإذا أفتيته لم يقبل.

ومن تلبيسه عليهم تقديمهم المتزهّدين على العلماء، فلو رأوا جبّة صوف على أجهل النّاس عظّموه، خصوصا إذا طأطأ رأسه، وتخشّع لهم، ويقولون: أين هذا من فلان العالم، ذاك طالب الدّنيا، وهذا زاهد لا يأكل عنبة ولا رطبة، ولا يتزوّج قطّ، جهلا منهم بفضل العالم على الزّاهد، وإيثارا للمتزهّدين على شريعة محمّد بن عبد الله .

ومن نعمة الله على هؤلاء، أنّهم لم يدركوا رسول الله ؛ إذ لو رأوه يكثر

<<  <   >  >>