قال: فأنزلوها في ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها، فمكثت في جوار ذلك العابد زمانًا ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة، ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته، ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام، قال: فتلطف له الشيطان، فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهارًا، ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها، فلم يزل به حتى مشى بطعامها حتى وضعه على باب بيتها ولا تكلمها (١).
قال: فلبث بذلك زمانًا، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والأجر وقال: لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه في بيتها كان أعظم لأجرك! قال: فلم يزل به حتى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها، قال: فلبث بذلك زمانا.
ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه، وقال له: لو كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك فإنها قد استوحشت وحشة شديدة، قال: فلم يزل به حتى حدثها زمانا يطلع إليها من فوق صومعته.
قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال: لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثك كان آنس لها، فلم يزل به حتى أنزله فأجلسه على باب صومعته يحدثها وتخرج الجارية من بيتها حتى تقعد على باب بيتها، قال: فلبثا زمانا يتحدثان.
ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والثواب فيما يصنع بها وقال: لو خرجت من باب صومعتك: فجلست قريبا من باب بيتها كان آنس لها، فلم يزل به حتى دخل، قال: فلبثا بذلك زمانا.