للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واخْتَار السمرقندي أنَّ زَكَرِيا عليه السَّلام قَال ذَلك عَلى وَجْه التَّعَجُّب لا عَلى وَجْه الشَّك (١).

وفي تَفْسِير سُورَة مَرْيم قَال: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ): يَعْنِي: مِنْ أيْن يَكُون لِي وَلَد؟ ويُقَال: إنّمَا قَال ذَلك عَلى وَجْه الدُّعَاء لله تَعالى، فَقَال: يَا رَبّ مِنْ أيْن يَكُون لِي وَلَد وكَانَت امْرَأتِي عَاقِرا مِنْ الوَلَد، وقَد بَلَغْتُ مِنْ الكِبَر عِتِيّا؟ يَقُول: تَحَوَّل العَظْم مِنِّي يَابِسًا … ولم يَكُنْ زَكَرِيّا شَاكًّا في بِشَارَة الله عَزَّ وَجَلَّ، ولَكِن أحَبّ أن يَعْلَم مِنْ أيّ وَجْهَ يَكُون؟ (٢)

واقتصر السمعاني في تَفْسِير "آل عمران" عَلى جَوَاب مُخْتَصَر، فَقَال: فَإن قِيل: كَان شَاكًّا في وَعْد الله تَعالى حِين قَال: (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ)؟

قِيل: إنّمَا قَالَه عَلى سَبِيل التَّوَاضُع، يَعْني: مِثْلِي عَلَى هَذا الكِبَر مِنْ مِثْل هَذِه العَجُوز يَكُون لَه الوَلَد؟

وقِيل: مَعْنَاه: كَيف يَكُون لي هَذا الغُلام؟ أتَرُدّني لِحَالَة الشَّبَاب، أمْ يَكُون الغُلام عَلى حَال الكِبَر؟ (٣)

وأمَّا في سُورة مَرْيم فأوْرَد قَوْلَين في الآيَة، وضَعَّف أحَدَهما، فَقَال: وقِيل: كَيف سَأل الله الوَلَد، فَلَمَّا أُجِيب قَال: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ)؟

والْجَوَاب عَنه مِنْ وَجْهَين:

أحَدهما: أنّه كَان قَال حَال الشَّبَاب، ثُمّ إنّه أُجِيب في حَال الكِبَر، وهَذا قَوْل ضَعِيف.


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٢٣٦).
(٢) المرجع السابق (٢/ ٣٦٩).
(٣) تفسير القرآن، مرجع سابق (١/ ٣١٦).

<<  <   >  >>